للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: واحتج أصحابنا في ذلك بقوله تبارك وتعالى: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} (١)، وهذا هو صفة للمسمَّى لا صفة لما هو قول وكلام، وبقوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (٢)، فإنَّ المسبَّح هو المسمَّى وهو الله، وبقوله سبحانه: {إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} (٣)، ثم قال: {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} (٤)، فنادى الاسم وهو المسمَّى" (٥).

قلنا: الفقهاء أجمعوا على أنَّ الحالف باسم الله كالحالف بالله، في بيان أنه تنعقد اليمين بكلِّ واحدٍ منهما؛ فلو كان اسم الله غير الله لكان الحالف بغير الله لا تنعقد يمينه، فلما انعقد، ولزم بالحنْث فيها كفَّارة دلَّ على أنَّ اسمه هو، ويدلُّ عليه أنَّ القائل إذا قال: ما اسم معبودكم؟ قلنا: الله، فإذا قال: ما معبودكم؟ قلنا: الله، فنجيب في الاسم بما نجيب به في المعبود، فدلَّ على أنَّ اسم المعبود هو المعبود لا غير، وبقوله: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} (٦)، وإنما عبدوا المسمَّيات لا الأقوال التي هي أعراض لا تعبد.

قال: فإن قيل: أليس يقال: الله إلهٌ واحدٌ وله أسماء كثيرة، فكيف يكون الواحد كثيرًا؟ قيل: إذا أطلق أسماء، فالمراد به مسميات المسمَّين، والشيء قد يُسمَّى باسم دلالته كما يُسمَّى المقدور قدرة.


(١) سورة الرحمن: ٧٨.
(٢) سورة الأعلى: ١.
(٣) سورة مريم: ٧.
(٤) سورة مريم: ١٢.
(٥) مجموع الفتاوى ٦/ ١٨٧ - ١٩٠.
(٦) سورة يوسف: ٤٠.

<<  <   >  >>