للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامسًا: دلالة الإجماع

تضافرت أقوال السلف لإثبات هذه الصفة لله - عز وجل -، ومنها:

قول أبي سعيد الدارمي في نقضه على بشر المرِّيسي (١): "ثم إجماع من الأولين والآخرين العالمين منهم والجاهلين أنَّ كلَّ واحدٍ ممَّن مضى وممَّن غبر إذا استغاث بالله تعالى، أو دعاه، أو سأله يمد يديه وبصره إلى السماء يدعوه منها، ولم يكونوا يدعوه من أسفل منهم من تحت الأرض ولا من أمامهم، ولا من خلفهم، ولا عن أيمانهم ولا عن شمائلهم إلا من فوق السَّماء؛ لمعرفتهم بالله - عز وجل - أنه فوقهم، حتى اجتمعت الكلمة من المصلِّين في سجودهم (سبحان ربي الأعلى) لا ترى أحدًا يقول (ربي الأسفل) حتى لقد علم فرعون في كفره وعتوه على الله أنَّ الله - عز وجل - فوق السماء فقال فيما ذكره الله عنه في كتابه - عز وجل -: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ} (٢) "، (٣).

وقال أبو الحسن الأشعري في رسالته لأهل الثغر: "وأجمعوا على أنَّه تعالى فوق سماواته على عرشه دون أرضه" (٤).

وقد دلَّ على ذلك بقوله: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} (٥).


(١) هو: بشر بن غياث المرِّيسي، مبتدعٌ ضالٌّ يقول بخلق القرآن، وناظر عليه ودعا إليه، وكان رأس الجهمية، مات سنة ٢١٨ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ٨/ ٣٣٧، الوافي بالوفيات ١٠/ ٩٤، لسان الميزان ٢/ ٢٩.
(٢) الرَّد على الجهمية، ص ٣٧.
(٣) سورة غافر: ٣٦.
(٤) ينظر: رسالة لأهل الثغر، ص ٢٣١ - ٢٣٢.
(٥) سورة الملك: ١٦ - ١٧.

<<  <   >  >>