للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قديم، أي لم يزل متكلِّمًا إذا شاء لا يقولون إنَّ نفس الكلمة المعيَّنة قديمة، كندائه لموسى ونحو ذلك (١).

ولهذا بوَّب الإمام البخاري في صحيحه عدة أبواب على ذلك فقال: "باب: كلام الرب تعالى مع جبريل - عليه السلام - ونداء الملائكة، وباب: "كلام الله تعالى يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم، وباب: ما جاء في قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} (٢)، وباب: "كلام الرب مع أهل الجنَّة" (٣).

ولهذا ما قاله ابن عجيبة هو حجة عليه إذ يلزمه أن تكون الصفات السبع التي يثبتها -بزعمه- هي واحدة حقيقة ومعنى، وهذا لا شكَّ في فساده.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "فقال جمهور العقلاء لهم: تصور هذا القول يوجب العلم بفساده، وقالوا لهم: موسى سمع كلام الله كلَّه أو بعضه, إن قلتم كله لزم أن يكون قد علم علم الله، وإن قلتم بعضه فقد تبعّض، وقالوا لهم: إذا جوزتم أن تكون حقيقة الخبر هي حقيقة الأمر وحقيقة النهي عن كل منهي عنه، والأمر بكلِّ مأمورٍ به هو حقيقة الخبر عن كلِّ مخبر عنه فجوزوا أن تكون حقيقة العلم هي حقيقة القدرة وحقيقة القدرة هي حقيقة الإرادة، فاعترف حُذَّاقهم بأنَّ هذا لازم لهم لا محيد لهم عنه ولزمهم إمكان أن تكون حقيقة الذات هي حقيقة الصفات وحقيقة الوجود الواجب هي حقيقة الوجوب الممكن" (٤).

ويقول أيضًا: "وقد خالفتم الشرع والعقل في قولكم: إنَّه قديم، وابتدعتم بدعةً


(١) ينظر: مجموع الفتاوى ١٧/ ٨٥.
(٢) سورة النساء: ١٦٤.
(٣) ينظر لهذه الأبواب، شرح ابن حجر لما ورد فيها من أحاديث ١٣/ ٤٦١، ٤٧٣، ٤٧٧، ٤٨٨.
(٤) مجموع الفتاوى ٩/ ٢٨٣.

<<  <   >  >>