للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلفظ القول والكلام وما تصرَّف منهما من فعلٍ ماض ومضارعٍ وأمرٍ واسم فاعل، إنما يعرف في القرآن والسُّنَّة وسائر كلام العرب إذا كان لفظًا ومعنى، ولم يكن في مُسمَّى الكلام نزاع بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وإنما حصل النزاع بين المتأخرين من أهل البدع ثم انتشر.

ولا ريب أنَّ مُسمَّى الكلام والقول ونحوهما ليس هو مما يحتاج فيه إلى قول شاعر، فإنَّ هذا مما تكلَّم به الأوَّلون والآخرون من أهل اللغة، وعرفوا معناه، كما عرفوا مُسمَّى الرأس واليد والرِّجل ونحو ذلك.

ولا شكَّ أنَّ من قال: إنَّ كلام الله معنى واحد قائم بنفسه تعالى وإنَّ المتلوَّ المحفوظ المكتوب المسموع من القارئ حكاية كلام الله وهو مخلوق، فقد قال بخلق القرآن في المعنى وهو لا يشعر، فإنَّ الله تعالى يقول: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (١) (٢).

والأدلة مستفيضة من الكتاب والسُّنَّة وأقوال الصحابة والإجماع على إثبات كلام الله - عز وجل -.

أولًا: الأدلة من القرآن

قال تعالى: {وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} (٣).

وقال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي


(١) سورة الإسراء: ٨٨.
(٢) شرح العقيدة الطحاوية، ص ١٤٩.
(٣) سورة النساء: ١٦٤.

<<  <   >  >>