للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (١)، وهذا أيضًا معناه العلو والارتفاع والاعتدال بإجماع أهل اللغة.

الثالث: المقرون بواو (مع) التي تعدي الفعل إلى المفعول معه، نحو: (استوى الماء والخشبة) بمعنى ساواها، وهذه معاني الاستواء المعقولة في كلامهم، ليس فيها معنى استولى البتَّة، ولا نقله أحدٌ من أئمة اللغة الذين يعتمد قولهم ... والذين قالوا ذلك لم يقولوه نقلًا، فإنَّه مجاهرة بالكذب وإنما قالوه استنباطًا وحملًا منهم للفظة استوى على استولى (٢).

ثانيًا: الأدلة من السُّنَّة على إثبات صفة الاستواء لله - عز وجل -

منها حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لما فرغ الله من خلقه استوى على عرشه» (٣).

وأهل السُّنَّة والجماعة يخبرون عن الله - صلى الله عليه وسلم - كما أخبر عن نفسه في كتابه.

سُئل ابن الأعرابي (٤) عن معنى قول الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (٥) فقال: هو على عرشه كما أخبر - عز وجل -، فقيل يا أبا عبد الله: ليس هذا معناه، إنما معناه: استولى، فقال: اسكت ما أنت وهذا لا يقال: استولى على الشيء إلا أن يكون له مضاد


(١) سورة الفتح: ٢٩.
(٢) مختصر الصواعق ١/ ٣٧٢.
(٣) أخرجه النسائي في السنن الكبرى، كتاب التفسير، باب سورة السجدة ٦/ ١١٣٩٢.
(٤) أبو عبد الله محمد بن زياد بن الأعرابي الهاشمي، يروي عن: أبي معاوية الضرير، والقاسم بن معن، وأبي الحسن الكسائي، وعنه: إبراهيم الحربي، وعثمان الدارمي، وثعلب، وأبو شعيب الحراني، وشمر بن حمدويه، وآخرون، ولد بالكوفة سنة خمسين ومائة، من مصنفاته: كتاب النوادر، كتاب الخيل، كتاب تاريخ القبائل، مات بسامراء سنة ٢٣١ هـ. ينظر: وفيات الأعيان ٤/ ٣٠٦، سير أعلام النبلاء ٩/ ٧٥، ومعجم المؤلفين ١/ ٣٣.
(٥) سورة طه: ٥.

<<  <   >  >>