للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على غير معناه الذي اطرد استعماله فيه، فكيف وفي السياق ما يأبى ذلك" (١).

وقال أيضًا: "إنَّ لفظ الاستواء في كلام العرب الذي خاطبنا الله تعالى بلغتهم، وأنزل بها كلامه نوعان: (مطلق) و (مقيَّد).

فالمطلق ما لم يوصل معناه بحرف مثل قوله: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (٢) وهذا معناه كَمل وتَمّ، يقال: استوى النبات واستوى الطعام.

وأما المقيد فثلاثة أضرب:

أحدها: مقيد بإلى كقوله: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (٣) واستوى فلانٌ إلى السطح وإلى الغرفة، وقد ذكر سبحانه هذا المعدى بـ (إلى) في موضعين من كتابه: في البقرة في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (٤)، والثاني في قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} (٥) وهذا بمعنى العلو والارتفاع بإجماع السلف.

والثاني: مقيد بـ (على) كقوله: {وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (٦)، وقوله: {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ


(١) مختصر الصواعق المرسلة ٢/ ٣٨١ - ٣٨٢.
(٢) سورة القصص: ١٤.
(٣) سورة الأعراف: ٥٤.
(٤) سورة البقرة: ٢٩.
(٥) سورة فصلت: ١١.
(٦) سورة هود: ٤٤.

<<  <   >  >>