للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* صفة القُرْب ورأيه فيها:

قال ابن عجيبة: "ولا يماثل قربُه قربَ الأجسام كما لا تماثل ذاتُه ذاتَ الأجسام، وهو مع ذلك قريبٌ من كلِّ بعيد، وهو أقرب إلى العبيد من حبل الوريد" (١).

ويقول في موضع آخر: "قربه رحمةٌ واجتباء، وتقريبٌ واصطفاء" (٢).

وقال في موضع آخر: "فإذا تحقَّق المحو والاضمحلال، وزال البَيْن، وثبت الوصال، لم يبقَ قربٌ ولا بعدٌ ولا بَينٌ ولا انفصال" (٣).

الملاحظ عند ابن عجيبة الاضطراب، فقوله الأول قولٌ صحيحٌ لا غبار عليه، وهذا هو ما عليه أهل السُّنَّة والجماعة، ولكن سرعان ما نقض قوله الأول بأقواله الأخرى؛ وهذه عادة أهل البدع في التناقض دائمًا، وبهذا خالف أهل السُّنَّة والجماعة والأدلة الصريحة التي أثبت القرب لله - عز وجل - بما يليق بجلاله - سبحانه وتعالى -.

أولًا: الأدلة من القرآن

١ - قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (٤).

٢ - وقوله تعالى: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} (٥).


(١) مخطوط رسائل في العقائد، ل/٢.
(٢) إيقاظ الهمم، ص ٥٠٥.
(٣) البحر المديد ١/ ٢١٤.
(٤) سورة البقرة: ١٨٦.
(٥) سورة سبأ: ٥٠.

<<  <   >  >>