للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الطبري: "ألا إنَّ الحسنى الجنَّة، والزيادة النظرُ إلى وجه الله" (١).

وعن صهيب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا دخل أهلُ الجنَّة الجنَّةَ قال: يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيِّض وجوهنا، ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أُعطوا شيئًا أحبّ إليهم من النظر إلى ربهم - عز وجل -» (٢).

وعن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّكم سترون ربَّكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشمس وصلاةٍ قبل غروب الشمس فافعلوا» (٣).

أما إثبات ابن عجيبة لرؤية الله - عز وجل - في الدنيا والآخرة فمبنيٌّ على مصدر التلقِّي عنده بالكشف والمشاهدة، وزعمه أنَّ الله تعالي -هو عين وجود المخلوقات-؛ لأنَّ كلَّ وجود في الوجود هو وجود الله، تعالى عمَّا يقول علوًّا كبيرًا، وتبين بهذا متابعة ابن عجيبة لابن عربي (٤) في هذه المسألة، وهم لا يرون إلا وجودًا مطلقًا لا حقيقة له إلا في أذهانهم، أو لا وجود له إلا وجود المخلوقات.

وبيَّن هذا ابن تيمية - رحمه الله - بقوله: "إنَّ العبد قد يرى الله في الدنيا إذا زال عن عينه المانع إذ لا حجاب عندهم للرؤية منفصل عن العبد وإنما الحجاب متصل به، فإذا ارتفع شاهد الحق، وهم لا يشاهدون إلا ما يتمثلونه من الوجود المطلق الذي لا


(١) جامع البيان ١٥/ ٦٥.
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب إثبات رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة ١/ ١١٢، رقم ٤٦٧.
(٣) أخرجه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة العصر ١/ ١٤٥، رقم ٥٥٤، ومسلم، كتاب المساجد، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما ٢/ ١١٣، رقم ١٤٦٦.
(٤) ينظر: الفتوحات المكية ٣/ ٣٧٥.

<<  <   >  >>