للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقيقة له إلا في أذهانهم أو من الوجود المخلوق، فيكون الرَّبُّ المشهود عندهم الذي يخاطبهم في -زعمهم- لا وجود له إلا في أذهانهم، أو لا وجود له إلا وجود المخلوقات؛ وهذا هو التعطيل للرَّبِّ تعالى ولكتبه ولرسله، والبدع دهليز الكفر والنفاق، كما أنَّ التشيُّع دهليز الرفض، والرفض دهليز القرمطة والتعطيل، فالكلام الذي فيه تجهُّم هو دهليز التجهُّم، والتجهُّم دهليز الزندقة والتعطيل" (١).

وقول ابن عجيبة مردود عليه بالكتاب والسُّنَّة، وإجماع سلف الأُمَّة.

قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} (٢).

فقوله تعالى: (لَنْ تَرَانِي) أي: لن تراني في الدنيا، وذلك لضعف موسى - عليه السلام - عن الرؤية في الدنيا كما دلَّ عليه سياق الآية.

وأما من السُّنَّة فقد دلَّت على نفي رؤية الله بالأبصار في الدنيا.

عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هل رأيت ربك؟ فقال: «نورٌ أنَّى أراه»، وفي رواية «رأيت نورًا» (٣).

وعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّكم لن تروا ربكم حتى تموتوا» (٤).

وبيَّن ابن أبي العز معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نورٌ أنَّى أراه»، فقال - رحمه الله -: النور الذي


(١) مجموع الفتاوى ٢/ ٢٢٩ - ٢٣٠، و ٣٣٦ - ٣٣٧.
(٢) سورة الأعراف: ١٤٣
(٣) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب قوله «نور أنى أراه» ١/ ١١١، رقم ٤٦١.
(٤) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية ١/ ١٦٧، رقم ٣٠٢.

<<  <   >  >>