للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والألفاظ التي تستعمل في حق الخالق والمخلوق لها ثلاثة اعتبارات:

أحدها: أن تكون مقيدة بالخالق، كسمع الله وبصره ووجهه وعلمه وقدرته وحياته.

الثاني: أن تكون مقيدة بالمخلوق كيد الإنسان ووجهه واستوائه.

الثالث: أن تجرد عن كلا الإضافتين، وتوجد مطلقة.

فإن جعلتم جهة كونها حقيقة تقيدها بالخالق لزم أن تكون في المخلوق مجازًا.

وطرف آخر قال: إنها حقيقة في المخلوق مجاز في الخالق، وإليه صار إمام المعطلة: جهم بالمجاز, ودرج أصحابه على أثره.

وذهب أهل الحق إلى أنها حقيقة في الخالق والمخلوق، وإذا أضيف ذلك إلى الرَّبِّ كان بحسب ما يليق، ولا يشركه فيه المخلوق، كما أنَّه إذا أضيف إلى المخلوق كان بحسب ما يليق به، ولا يشركه فيه الخالق (١).

ومما يجب أن يذكر هنا أنَّ القول بالمجاز في باب الأسماء والصفات كان له الأثر الكبير في تحريف النصوص وتأويلها، ونفي الأسماء والصفات عن الله جلَّ جلاله (٢).

ومن هنا قرَّر أهل العلم أنَّ أسماء الله وصفاته ثابتة لله تعالى على وجه الحقيقة لا على المجاز.

قال السجزي -بعد ذكر صفة اليدين والضحك والرضى والغضب وردَّ على من أوَّلهَا-، قال: "وعند أهل الأثر أنها صفات ذاته لا يفسّر منها إلا ما فسَّره النبي - صلى الله عليه وسلم - أو الصحابي، بل نمر هذه الأحاديث على ما جاءت بعد قبولها والإيمان بها والاعتقاد بما فيها بلا كيفية" (٣).


(١) ينظر: مختصر الصواعق ٢/ ٧٤٩، بدائع الفوائد ١/ ١٦٤ - ١٦٥.
(٢) ينظر: مذكرة في أصول الفقه، للشيخ محمد الأمين الشنقيطي، ص ٥٨.
(٣) الرَّد على من أنكر الحرف والصوت، للسجزي، ص ١٧٥.

<<  <   >  >>