للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن عبد البر: "أهل السُّنَّة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسُّنَّة، والإيمان بها وحملها على الحقيقة، لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيِّفون شيئًا من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة، وأمَّا أهل البدع الجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلُّهم ينكرونها ولا يحملون شيئًا منها على الحقيقة، ويزعمون أنَّ من أقرَّ بها مشبِّه، وهم عند من أقرَّ بها نافون للمعبود، والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم أئمَّة الجماعة" (١).

وقال ابن القيم: "قد تطابقت نصوص الكتاب والسُّنَّة والآثار على إثبات الصفات لله، وتنوعت دلالتها عليها أنواعًا توجب العلم الضروري بثبوتها، وإرادة المتكلِّم اعتقاد ما دلَّت عليه، والقرآن مملوءٌ من ذكر الصفات، والسُّنَّة ناطقةٌ بمثل ما نطق به القرآن مقرِّرة له، مصدِّقة له، مشتملة على زيادة في الإثبات، ... فمن أبين المحال وأوضح الضلال حمل ذلك كله على خلاف حقيقته وظاهره، ودعوى المجاز فيه والاستعارة، وأنَّ الحق في أقوال النفاة المعطلين، وأنَّ تأويلاتهم هي المرادة من هذه النصوص؛ إذ يلزم من ذلك أحد محاذير ثلاثة لا بدَّ منها أو من بعضها وهي: القدح في علم المتكلِّم بها، أو في بيانه، أو في نصحه" (٢).

وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله -: "إنَّ الله تبارك وتعالى موصوفٌ بتلك الصفات حقيقةً لا مجازًا؛ لأنَّا نعتقد اعتقادًا جازمًا لا يتطرَّق إليه شكٌّ أنَّ ظواهر آيات الصفات وأحاديثها لا تدلُّ البتَّة إلا على التنزيه عن مشابهة الخلق، واتصافه تعالى بالكمال والجلال، وإثبات التنزيه والكمال والجلال لله حقيقة لا مجازًا لا ينكره مسلم" (٣).


(١) التمهيد، لابن عبد البر ٧/ ١٤٥.
(٢) الصواعق المرسلة ١/ ٣٢٠ - ٣٢٤.
(٣) أضواء البيان ٧/ ٤٥٢.

<<  <   >  >>