للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول شارحًا لتعريفه: "كيف تطلب العوض عن عمل لست له فاعلًا" (١).

وكيفية تحقيق الإخلاص يكون بتخريب الظاهر، وهو بذلك يدعو لطريقة الملامتية (٢).

قال: "الإخلاص لا يتحقَّق ذوقًا إلا بإظهار ما ينافيه من الأغاليط، ومرجعها إلى تخريب الظاهر، إذ بقدر ما يخرب الظاهر يعمر الباطن، وبقدر ما يعمر الظاهر يخرب الباطن" (٣).

وقال في تفسيره لقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (٤): والعمل الصالح هو الذي يصحبه الإخلاص في أوله، والإتقان في وسطه، والغيبة عنه في آخرة" (٥).

وذكر حكاية على ذلك:

فقال: "حُكي عن بعض الفضلاء أنه كان في بعض الأيام قاعدًا على الدرس، وإذا به قد أراد أن يُحوِّل ثوبه، وأومأ إليه وتحرَّك، ثم رجع عنه وجعل يستغفر الله


(١) مخطوط حاشية ابن عجيبة على الجامع الصغير ل/١٢.
وهذا القول مبنيٌّ على أنَّ الإنسان لا يُعدَّ فاعلًا بناءً على كسب الأشاعرة، وسيأتي الحديث عنها في القضاء والقدر.
(٢) الملامتية: قومٌ من الصوفية سموا أنفسهم الملامتية، من الملامة؛ لأنهم يشتغلون بملامة أنفسهم ويهملون الشريعة والأخلاق، وقد اضمحلَّت كطريقة مستقلة، لكنها استمرت تظهر في سلوك كثيرٍ من الأولياء في كلِّ الطرق، اقتحموا الذنوب وقالوا: مقصودنا أن نسقط عن أعين الناس فنسلم من الجاه"، قال ابن الجوزي معلِّقًا على هذا الزعم الباطل: "وهؤلاء قد أسقطوا جاههم عند الله لمخالفة الشرع". ينظر: الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة، ص ٣٣٦، تلبيس إبليس، ص ٣٣.
(٣) شرح قصيدة يا من تعاظم، ضمن سلسلات نورانية فريدة، ص ٢٦.
(٤) سورة الكهف: ١١٠
(٥) شرح الفتوحات القدوسية في شرح المقدمة الآجرومية, ص ٢٢٩.

<<  <   >  >>