للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى، فسئُل عن ذلك فقال: قد كانت مني التفاته إلى ثوبي فوجدتني قد لبسته مقلوبًا فعزمت على تعديله ثم فكَّرت أنِّي قد لبسته حين قمت من الفراش بنيَّة ستر العورة، فاستغفرت الله تعالى مما أردت فعله، وعلَّق ابن عجيبة على هذه الحكاية بقوله: إنما استغفر لأنَّه قد تكون لم تحصل له النية بحضرة من كان معه في الوقت (١)، أو خاف أن يشوبه بشيءٍ ما لأجل حضورهم، وهذه الطائفة تأخذ بالحزم ومهما وقع لهم بشيءٍ مما يكدر نيتهم تركوا ذلك البتَّه" (٢).

وهذا نقل عن مجهول فكيف يقبل هذا؟ ولكنَّه سمةٌ من سمات منهجة في جعل الحكايات من مصادره كما مرَّ معنا أثناء الحديث عن مصادر التلقِّي.

أنواع الإخلاص:

الإخلاص على ثلاث درجات: درجة العوام، والخواص، وخواص الخواص، فإخلاص العوام هو: إخراج الخلق من معاملة الحق، مع طلب الحظوظ الدنيوية والأخروية، كحفظ البدن والمال وسعة الرزق والقصور والحور، وإخلاص الخواص: طلب الحظوظ الأخروية دون الدنيوية، وإخلاص خواص الخواص، إخراج الحظوظ بالكليَّة فعبادتهم تحقيق العبودية، والقيام بوظائف الربوبية، أو محبة وشوقًا إلى رؤيته" (٣).


(١) قال القشيري: يريدون بالوقت ما يصادفهم من تصريف الحق لهم، دون ما يختارونه لأنفسهم، ويقولون فلان بحكم الوقت، أي: أنه مستسلم لما يبدو له من الغيب من غير اختيار له، وقال ابن عجيبة: الوقت: قد يطلقونه على ما يكون العبد عليه في الحال من قبض وبسط، أو حزن أو سرور. (وهم يقصدون بذلك الجبر)، ينظر: الرسالة القشيرية ص ١٣١، ومعراج التشوف ص ٤٣، وسيأتي بحثها، في مسألة القدر إن شاء الله.
(٢) تسهيل المدخل لتنمية الأعمال بالنية الصالحة عند الإقبال، د عبد المجيد المرزوقي، ص ٣٩.
(٣) إيقاظ الهمم، ص ٥٠.

<<  <   >  >>