للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمورك، فيأتيك ما قسم لك ... ولا يحتاج إلى تنبيه؛ لأنه لا يهملك فيما هو من قسمتك" (١).

وقال في موضع آخر: " ... أمَّا طلبك منه فلوجود تهمتك له؛ لأنك إنما طلبته مخافة أن يهملك أو يغفل عنك، فإنما ينبه من يجوز عنه الإغفاء، وإنما يذكر من يمكن منه الإهمال ... فالسكوت تحت مجاري الأقدار أفضل عند العارفين من التضرع والابتهال" (٢).

ثم يذكر خلاف الصوفية في هذه المسألة ويرجِّح ترك الدعاء قال: "اختلف الصوفية أيُّ الحالين أفضل؟ هل الدعاء والابتهال، أو السكوت والرضاء؟ والمختار: أن ينظر العبد ما يتجلَّى فيه قلبه، فإن انشرح للدعاء فهو في حقِّه أفضل، وإن انقبض عنه فالسُّكوت أولى، والغالب على أهل التحقيق من العارفين الغنى بالله، والاكتفاء بعلمه، كحال الخليل - عليه السلام -، فإنهم إبراهيميون" (٣).

وابن عجيبة يذكر بأنَّ طلب الدعاء يكون لأهل البدايات واجب، قال: "إنَّ الطلب كله معلول عند ذوي الألباب ... وهذا مقام أهل النهايات، وأمَّا أهل البدايات فيرخَّص لهم في طلب الحاجات، وفي كثرة الدعاء والتضرُّعات، فالدعاء في حقِّهم واجبٌ أو مندوب، وفيهم ورد الترغيب في الدعاء، والإلحاح فيه" (٤).

وبالنَّظر فيما ذكر في تلك المسائل التي يرى فيها أنَّ الدعاء لا يجلب به منفعة، ولا يدفع به مضرَّة، وإنما هو عبادة محضة تعبديَّة غير معقولة المعنى كبعض


(١) إيقاظ الهمم، ص ٣١١.
(٢) المرجع نفسه، ص ٨٤.
(٣) البحر المديد ٥/ ١٤٦، ١/ ١٨١.
(٤) إيقاظ الهمم، ص ٣٠٢.

<<  <   >  >>