للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه، بل ربما أبغضه بحيث ينكر عليه تركه له ويكون ذلك سببًا لترك حقوق له وعليه يوجب أن ذلك يصير إصرًا عليه لا يمكنه تركه، وغلًّا في عنقه يمنعه أن يفعل بعض ما أُمر به، وقد يوقعه في بعض ما نهي عنه، وهذا القدر الذي قد ذكرته واقع كثيرًا، فإنَّ مبدأ المداومة على ذلك يورث اعتقادًا ومحبَّةً غير مشروعين، ثم يخرج إلى المدح والذم والأمر والنهي بغير حق، ثم يخرج ذلك إلى نوع من الموالاة والمعاداة غير المشروعين من جنس أخلاق الجاهلية كأخلاق الأوس والخزرج في الجاهلية.

ثم يخرج من ذلك إلى العطاء والمنع فيبذل ماله على ذلك عطيةً ودفعًا وغير ذلك من غير استحقاقٍ شرعيٍّ، ويمنع من أمر الشارع بإعطائه إيجابًا أو استحبابًا، ثم يخرج من ذلك إلى الحرب والقتال كما وقع في بعض أرض المشرق، ومبدأ ذلك تفضيل ما لم تفضله الشريعة، والمداومة عليه وإن لم يعتقد فضله سبب لاتخاذه فاضلًا اعتقادًا وإرادة، فتكون المداومة على ذلك إمَّا منهيًّا عنها وإمَّا مفضولة، والتنوع في المشروع بحسب ما تنوع فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - أفضل وأكمل.

السادس: أنَّ في المداومة على نوعٍ دون غيره هجرانًا لبعض المشروع وذلك سببٌ لنسيانه والإعراض عنه، حتى يعتقد أنَّه ليس من الدين بحيث يصير في نفوس كثيرٍ من العامَّة أنه ليس من الدين وفي نفوس خاصة هذه العامة عملهم مخالف علمهم، فإنَّ علماءهم يعلمون أنه من الدين ثم يتركون بيان ذلك إما خشيةً من الخلق وإمَّا اشتراءً بآيات الله ثمنًا قليلًا من الرئاسة والمال كما كان عليه أهل الكتاب، كما قد رأينا من تعود ألا يسمع إقامة إلا موترة أو مشفوعة فإذا سمع الإقامة الأخرى نفر عنها وأنكرها ويصير كأنه سمع أذانًا ليس أذان المسلمين، وكذلك من اعتاد القنوت قبل الركوع أو بعده، وهجران بعض المشروع سبب لوقوع العداوة

<<  <   >  >>