للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولوجدتَ مؤلفيها يدعون إلى مجانبة الغلو، ويحذرون من أهل الأهواء في اعتقاداتهم الباطلة في لباسهم، وشعائرهم البدعية، ويعدون ذلك من ضعف الإيمان، ومتابعة الأمم السابقة.

وفي ذلك قال الآجري (١): "من تصفَّح أمر هذه الأُمَّة من عالم عاقل، علم أنَّ أكثرهم العام منهم يجري أمورهم على سنن أهل الكتابين، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلى سنن كسرى وقيصر وعلى سنن أهل الجاهلية، وذلك مثل السلطنة وأحكامهم وأحكام العُمَّال والأمراء وغيرهم، وأمر المصائب والأفراح والمساكن واللباس والحلية، والأكل والشرب والولائم، والمراكب والخدم والمجالس والمجالسة، والبيع والشراء، والمكاسب من جهات كثيرة، وأشباه لما ذكرت يطول شرحها تجري بينهم على خلاف السُّنَّة والكتاب، وإنما تجري بينهم على سنن من قبلنا، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، والله المستعان، ما أقلَّ من يتخلَّص من البلاء الذي قد عمَّ الناس، ولن يميِّز هذا إلا عاقلٌ عالمٌ قد أدَّبه العلم" (٢).

واتخاذ الصوفية المرقعات شعارًا للزُّهد والتقشُّف مخالفة للشرع، بل الواجب على العبد أن يظهر أثر نعمة الله عليه، وهذا هو الذي أمرنا به نبيُّنا محمَّد - صلى الله عليه وسلم -.

قال رجل: دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرآني سيء الهيئة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هل لك من شيء؟» قال: نعم من كلِّ المال قد آتاني الله، فقال: «إذا كان لك مال فليُرَ عليك» (٣).


(١) أبو بكر، محمد بن الحسين بن عبد الله، وقيل عبد الله الآجري البغدادي المكي، والآجري نسبته إلى درب الآجر وهي محلة ببغداد، وقيل نسبته إلى الآجر: وهو من طبيخ اللبن، له مؤلفات منها: كتاب أخلاق العلماء، أحكام النساء، الأمر بلزوم الجماعة وترك الابتداع، توفي سنة ٣٦٠ هـ وعمره ٨٠ عامًا وقيل ٩٦. ينظر: وفيات الأعيان ٤/ ١١٤، تاريخ بغداد ٢/ ٢٣٩، معجم البلدان ١/ ٥١، سير أعلام النبلاء ١٦/ ١٣٥ شذرات الذهب ٣/ ٣٥.
(٢) الشريعة ١/ ٣٢٢.
(٣) أخرجه النسائي، كتاب الزينة، باب ذكر ما يستحب من لبس الثياب وما يكره منها ٨/ ١٩٦، والترمذي ٤/ ٢٠٧، وقال: حديثٌ حسن، وصحَّحه الألباني في السلسلة الصحيحة ٣/ ٣٩٤، رقم ١٣٢٠.

<<  <   >  >>