للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يكن أحدٌ منهم يجعل شيخه ربًّا يستغيث به، كالإله الذي يسأله ويرغب إليه، ويعبده ويتوكل عليه، ويستغيث به حيًّا وميتًا، ولا كالنبي الذي تجب طاعته في كلِّ ما أمر، فالحلال ما حلَّله والحرام ما حرَّمه، وكانوا متعاونين على البرِّ والتقوى، لا على الإثم والعدوان، متواصين بالحق، متواصين بالصبر" (١).

وقال ابن الجوزي: "وقد قرَّروا أنَّ هذه المرقعة لا تلبس إلا من يد شيخ وجعلوا لها إسنادًا متصلًا كله كذبٌ ومحال ... انظروا إخواني عصمنا الله وإياكم من تلبيس إبليس إلى تلاعب هؤلاء الجهلة بالشريعة وإجماع مشايخهم الذي لا يساوي إجماعهم بعرة" (٢).

وفعل الصوفية هذا فيه مصادمة لنصوص الوحي التي جاءت مستفيضة بالحثِّ على التزين واللِّباس الحسن، قال تعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (٣)، وقوله تعالى: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (٤).

واستحسن النبي - صلى الله عليه وسلم - إظهار الزينة في غير إسراف ولا مخيلة، فقد قال - صلى الله عليه وسلم - للرَّجُل الذي قال يا رسول: الرَّجُلُ يحبُّ أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنة؟ قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله جميلٌ يحبُّ الجمال» (٥).

وإنَّك لو سبرت كتب السُّنَّة لوجدت فيها أبوابًا كثيرةً خاصَّةً بالتجمُّل والزينة،


(١) منهاج السُّنَّة النبوية ٨/ ٤٧ - ٤٨.
(٢) تلبيس إبليس، ص ٢٣٦.
(٣) سورة الأعراف: ٣١.
(٤) سورة فاطر: ١٢.
(٥) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه ١/ ٦٥، رقم ٢٧٥.

<<  <   >  >>