للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفتوة" (١).

وللأسف فالبعض لا زالت عنده لوثة التصوف إمَّا تقليدًا للآباء، أو جهلًا بالعلم الشرعي، فتراهم يلبسون الخرقة زاعمين أنَّها لبس النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قال ابن تيمية: "وأما لباس الخرقة التي يلبسها بعض المشايخ المريدين فهذه ليس لها أصل يدلُّ عليها الدلالة المعتبرة من جهة الكتاب والسُّنَّة ولا كان المشايخ المتقدمون وأكثر المتأخرين يلبسونها المريدين ... وأمَّا جعل ذلك سُنَّةً وطريقًا إلى الله - سبحانه وتعالى - فليس الأمر كذلك" (٢).

أمَّا القول الحق في ذلك فيتضح بموقف السلف من علمائهم ومشايخهم.

قال ابن تيمية: "لكن كانوا قد اجتمع بهم التابعون، وتعلَّموا منهم، وتأدَّبوا بهم، واستفادوا منهم، وتخرَّجوا على أيديهم، وصحبوا من صحبوه منهم، وكانوا يستفيدون من جميع الصحابة ... وقد انتفع بكلٍّ منهم من نفعه الله، وكلهم متفقون على دين واحد، وطريق واحدة، وسبيل واحدة، يعبدون الله ويطيعون الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ومن بلَّغهم من الصادقين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا قبلوه، ومن فهم من القرآن والسُّنَّة ما دلَّ عليه القرآن والسُّنَّة استفادوه، ومن دعاهم إلى الخير الذي يحبه الله ورسوله أجابوه، فإنَّ هذا ونحوه دين النصارى الذين قال الله فيهم: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (٣).


(١) منهاج السُّنَّة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية ٨/ ٤٧.
(٢) مجموع الفتاوى ١١/ ٥١١.
(٣) سورة التوبة: ٣١.

<<  <   >  >>