للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو أمرٌ فليشخص بين عينيه بصفته وهيئته، ويشكو له، فإنَّه يبرأ بإذن الله، وإن كان مع جماعة واستحيا فليشتك إليه في قلبه" (١).

والدعاء والاستغاثة من جملة أنواع العبادة التي لا يصلح منها شيءٌ إلا لله - سبحانه وتعالى -، فمن صرف منها شيئًا لغير الله - عز وجل - فيما لا يقدر عليه إلا الله فهو عابدٌ لغير الله، سواءً سمَّى دعاءه توكُّلًا أو تبرُّكًا وما إلى ذلك، فإنَّ هذه التسمية لا تغيِّر شيئًا ولو يسيرًا من حقيقة ما ذهب إليه ذلك الداعي، ولا لذة للعبد إلا أن يكون الله سبحانه هو إلهه ومستغاثه، الذي إليه مفزعه عند الشدائد وإليه مرجعه في عامَّة المطالب والمقاصد.

قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (٢).

قال الطبري: "يعني أفردوا له التوحيد، وأخلصوا له العبادة" (٣).

ومن قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنَّ محمَّدًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يستغيث بغير الله - عز وجل - فهذا شركٌ أكبر، ولا ينفعه هذا التوحيد مع هذه الاستغاثة.

والاستغاثة التي أرشدنا إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - ليعلم الأُمَّة هي تجريد التوحيد، قال الألوسي (٤): "فإذا قيل: تجوز الاستغاثة بالأنبياء والصالحين ودعاؤهم والنذر لهم على أنهم وسائط ووسائل بين الله وبين عباده وأنَّ الله يفعل لأجلهم، انهدمت القاعدة


(١) الفتوحات الإلهية، ص ٣٣٩.
(٢) سورة الجن: ٢٣.
(٣) جامع البيان ٢٣/ ٦٦٥.
(٤) هو أبو المعالي، محمود شكري جمال الدين بن عبد الله بهاء الدين بن محمود شهاب الدين الألوسي، ونسبته تعود إلى قرية (ألوس) وهي قرية صغيرة على نهر الفرات، ولد في بغداد سنة ١٢٧٣ هـ، وتوفي سنة ١٣٤٢ هـ، له مؤلفات منها: صبُّ العذاب على من سبَّ الأصحاب، رسالة في التوحيد والتثليث، ومن شيوخه: إسماعيل بن مصطفى الموصلي، عبد السلام بن محمد النجدي، الشهير بالشواف. ينظر: الأعلام ٧/ ١٧٢ - ١٧٣.

<<  <   >  >>