للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورَأْيُ ابن عجيبة في هذه المسألة موافقٌ لأهل السُّنَّة في الجملة.

فالملائكة لهم أعمالٌ كثيرة، قال ابن القيم: "كلُّ حركةٍ في السَّماوات والأرض من حركة الأفلاك، والنُّجوم، والشَّمس، والقمر، والرياح، والسَّحاب، والنَّبات، والحيوان، فهي ناشئةٌ عن الملائكة الموكَّلين بالسَّماوات والأرض، كما قال تعالى: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} (١)، وقال: {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} (٢).

وهى الملائكة عند أهل الإيمان وأتباع الرُّسل عليهم السَّلام، وأمَّا المكذِّبون للرُّسل، المنكرون للصانع، فيقولون: هي النُّجوم ... وقد دلَّ الكتاب والسُّنَّة على أصناف الملائكة، وأنَّها موكلة بأصناف المخلوقات، وأنه سبحانه وكَّل بالجبال ملائكة، ووكَّل بالسَّحاب والمطر ملائكة، ووكَّل بالرَّحم ملائكة تُدبِّر أمر النُّطفة حتى يتمَّ خلقها، ثم وكَّل بالعبد ملائكةً لحفظه، وملائكةً لحفظ ما يعمله وإحصائه وكتابته، ووكَّل بالموت ملائكة، ووكَّل بالشَّمس والقمر ملائكة، ووكَّل بالنَّار وإيقادها وتعذيب أهلها وعمارتها ملائكة، ووكَّل بالسُّؤال في القبر ملائكة، ووكَّل بالأفلاك ملائكة يُحرِّكونها، ووكَّل بالجنَّة وعمارتها وغراسها وعمل الأنهار فيها ملائكة، فالملائكة أعظم جنود الله تعالى ... ومنهم ملائكة الرَّحمة وملائكة العذاب، وملائكة قد وُكِّلوا بحمل العرش وملائكة قد وُكِّلوا بعمارة السَّماوات بالصَّلاة والتسبيح والتقديس، إلى غير ذلك من أصناف الملائكة التي لا يحصيها إلا الله تعالى ... فجبريل مُوكَّل بالوحى الذى به حياة القلوب والأرواح، وميكائيل مُوكَّل بالقطر الذى به حياة الأرض والنبات والحيوان، وإسرافيل مُوكَّل بالنَّفخ في الصور الذى به حياة الخلق بعد مماتهم" (٣).


(١) سورة النازعات: ٥.
(٢) سورة الذاريات: ٤.
(٣) إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ٢/ ١٢٥، وينظر: البداية والنهاية ١/ ٤١.

<<  <   >  >>