للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن تيمية - رحمه الله -: "فإنَّ الكتب تضمَّنت أصلين: الإخبار، والأمر، والإيمان بها لا يتم إلا بتصديقها فيما أخبرت، وإيجاب طاعتها فيما أوجبت" (١).

فيجب الإيمان بجميع الكتب من غير تفريقٍ ولا تبعيض.

وقال - رحمه الله -: "التفريق والتبعيض قد يكون في القدر تارة، وقد يكون في الوصف" (٢).

وتوضيح ذلك يكون: إمَّا في الكمّ، وإمَّا في الكيف كما قد يكون في التنزيل تارة وفي التأويل أخرى؛ فإن الموجود له حقيقة موصوفة وله مقدار محدود فما أنزل الله على رسله قد يقع التفريق والتبعيض في قدره، وقد يقع في وصفه.

وهذا مثل اليهود يقولون: نؤمن بما أنزل على موسى - عليه السلام - دون ما أنزل على عيسى - عليه السلام - ومحمد - صلى الله عليه وسلم -، وهكذا النصارى في إيمانهم بالمسيح دون محمَّد.

فمن آمن ببعض الرُّسل والكتب دون بعض فقد دخل في هذا؛ فإنه لم يؤمن بجميع المنزل، وكذلك من كان من المنتسبين إلى هذه الأُمَّة يؤمن ببعض نصوص الكتاب والسُّنَّة دون بعض (٣).

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} (٤).


(١) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ٢/ ٤١١.
(٢) مجموع الفتاوى ١٢/ ١٣.
(٣) المرجع السابق ١٢/ ١٣.
(٤) سورة النساء: ١٥٠ - ١٥١.

<<  <   >  >>