للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالجوارح، ولا يجوز أن يكون في شيءٍ من ذلك حالًا، ومثل هذا قوله تعالى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (١).

والمراد حُبُّ العجل؛ لأنَّ العجل لم يحل في قلوبهم، واعلم أنَّا لا نأبى أن كلام الله تعالى محفوظٌ على الحقيقة، يُحفظ في القلوب مكتوب على الحقيقة في المصحف كتابة حالة فيها متلوٌ بالألسِنَة بتلاوة فيها مسموع في الأسماع غير حال في شيءٍ من هذه المخلوقات ولا يُجَاوَز" (٢).

وأفصح عن ذلك أيضًا عبد القاهر البغدادي حيث قال: (٣): "كلام الله في المصحف مكتوب، وفي القلب محفوظ، وباللسان متلوّ، ولا يقال: إنه في المصاحف مطلقًا، ولا نقول على التقييد: إنه مكتوبٌ في المصاحف" (٤).

وبهذا يتضح ما قصده ابن عجيبة من كلامه السابق الذي وافق فيه الأشاعرة، بأن الذي يوجد في المصحف هي كتابة كلام الله التي هي الألفاظ أو هو عبارة عن العربية، لا كونه كلام الله حقيقة.

ولقد بيَّن ابن تيمية - رحمه الله - غلطهم من جهة تصوير مذهبهم، وغلطهم في الشريعة، فقال: "فإنَّ هؤلاء غلطوا غلطين غلطًا في مذهبهم وغلطًا في الشريعة.

أمَّا الغَلطُ في (تصوير مذهبهم) فكان الواجب أن يقولوا: إنَّ القرآن في


(١) سورة البقرة: ٩٣.
(٢) مشكل الحديث، ص ١٣٠.
(٣) هو: أبو منصور، عبد القاهر بن طاهر البغدادي، متكلِّم، أشعري، من مصنفاته: الفرق بين الفرق، أصول الدين، توفي سنة ٤٢٩ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ١٧/ ٥٧٢، وفيات الأعيان ٣/ ٢٠٣.
(٤) أصول الدين، ص ١٠٨.

<<  <   >  >>