للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولًا: التحريف النصي

قال ابن عجيبة في تفسيره لقول الله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (١) "يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ بالتحريف وإبراز الباطل في صورة الحق، حتى كتمتم نعت محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وحرَّفتموه، وأظهرتم موضعه الباطل الذي سوَّلت لكم أنفسُكم؟ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ نبوة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أنه رسولُ الله حقًّا وأن دينه حق" (٢).

ثانيًا: تحريف الأحكام

قال في تفسير قول الله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} (٣).

"يقول الحقُّ جلَّ جلاله: من اليهود قومٌ تمرَّدوا في الكفر وهم أحبارهم، يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ -وهو التوراة- عَنْ مَواضِعِهِ أي: يميلونه عن مواضعه التي وضعه الله فيها، بإزالة لفظه أو تأويله، أو كصفة نبيِّنا محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، وآيةِ الرَّجم، وغير ذلك" (٤).

لقد تكفَّل الله - عز وجل - بحفظ القرآن من كلِّ تبديلٍ وتغيير، قال ابن جرير الطبري: "وإنَّا للقرآن لحافظون من أن يُزاد فيه باطلٌ مَّا ليس منه، أو ينقص منه ما هو منه من أحكامه وحدوده وفرائضه، والهاء في قوله: (له) من ذكر الذكر" (٥).


(١) سورة آل عمران: ٧١.
(٢) البحر المديد ١/ ٣٦٧.
(٣) سورة النساء: ٤٦.
(٤) البحر المديد ١/ ٥٠٩، ١/ ١٢٢.
(٥) جامع البيان في تأويل القرآن ١٧/ ٦٨.

<<  <   >  >>