للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من يبلِّغهم عنه ما جاء به، فلرسالته عمومان محفوظان لا يتطرَّق إليهما تخصيص، عموم بالنِّسبة إلى المرسل إليهم، وعموم بالنِّسبة إلى كلِّ ما يُحتاج إليه من بعث إليه في أصول الدين وفروعه؛ فرسالته كافية شافية عامَّة، لا تحوج إلى سواها، ولا يتم الإيمان به إلا بإثبات عموم رسالته في هذا وهذا، فلا يخرج أحد من المكلِّفين عن رسالته، ولا يخرج نوع من أنواع الحق الذي تحتاج إليه الأمة في علومها وأعمالها عمَّا جاء به" (١).

٣ - أنَّه سيِّد ولد آدم.

قال: "فإنه خُصَّ بالدعوة العامَّة، والحُجَجِ المتكاثرة، والمعجزات المستمرة، والآيات المتعاقبة بتعاقب الدَّهر، والفضائل العلميَّة والعمليَّة الفائتة للحصر، ولقد صرَّح النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بفضله على جميع الأنبياء بقوله: «أنا سيِّدُ ولد آدم ولا فخر» (٢) " (٣).

وقد فضَّل الله تعالى نبيَّنا محمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بأنَّه ساد الكُل، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «أنا سيِّد ولد آدم ولا فخر»، والسَّيِّد من اتصف بالصفات العليَّة والأخلاق السنيَّة، وهذا مُشْعرٌ بأنَّه أفضل منهم في الدارين، أمَّا في الدنيا فلما اتصف به من الأخلاق المذكورة، وأمَّا في الآخرة فلأنَّ جزاء الآخرة مرتَّبٌ على الأوصاف والأخلاق، فإذا فضَّلهم في الدنيا في المناقب والصفات، فضَّلهم في الآخرة في المراتب والدرجات.


(١) إعلام الموقعين عن رب العالمين ٤/ ٢٨٥.
(٢) أخرجه الترمذي، كتاب المناقب، باب فضل النبي - صلى الله عليه وسلم - ٥/ ٥٤٨، رقم ٣٦١٥، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر الشفاعة ٢/ ١٤٤٠، رقم ٤٣٠٨، وهو حديثٌ صحيحٌ بهذا اللفظ، ينظر: السلسلة الصحيحة للألباني، رقم ١٥٧١، وصحيح الجامع الصغير ١/ ٣٠٩، رقم ١٤٦٨، وأخرجه مسلم من غير زيادة ولا فخر، كتاب الفضائل، باب تفضيل نبينا - صلى الله عليه وسلم - على جميع الخلائق، ينظر: صحيح مسلم بشرح النووي ١٥/ ٤٣٨، رقم ٢٢٧٨.
(٣) البحر المديد ١/ ٢٨٢.

<<  <   >  >>