للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنما قال - صلى الله عليه وسلم -: «أنا سيِّد ولد آدم ولا فخر» ليُعرِّف أُمَّته منزلته من ربه - عز وجل -، ولما كان من ذكر مناقب نفسه إنما يذكرها افتخارًا في الغالب، أراد - صلى الله عليه وسلم - أن يقطع وَهم من يتوهَّم من الجهلة أنه ذكر ذلك افتخارًا، فقال: «ولا فخر» (١).

٤ - النَّصر بالرُّعْب، وحلُّ الغنائم، وجعل الأرض مسجدًا طهورًا له، والشفاعة, وجوامع الكلِم.

قال - صلى الله عليه وسلم -: «أُعطيتُ خمسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ من الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: أُحِلَّتْ لِيَ الغَنَائِمُ، ونُصِرْتُ بالرُّعْبِ مسِيرَةَ شَهْرٍ، وجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وطهُورًا، وأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وخُصصتُ بِجَوَامعِ الكلمِ» (٢) (٣).

قال ابن حجر - رحمه الله -: "وظاهرُ الحديث يقتضي أنَّ كلَّ واحدةٍ من الخمس المذكورات لم تكن لأحدٍ قبله، وهو كذلك" (٤).

وكلامه صلوات ربي وسلامه عليه يحمل معاني جامعة مانعه، فألفاظه موجزة مع تناولها للمعاني الكثيرة جدًّا بخواتمها أي: كان يختم على المعاني الكثيرة التي تضمَّنها اللَّفظ اليسير فلا يخرج منها شيءٌ عن طالبه ومستنبطه لعذوبة لفظه وجزالته (٥)، والشواهد على ذلك كثيرة فمنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت» (٦).


(١) ينظر: منية السول في تفضيل الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ص ١٨.
(٢) أخرجه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، ١/ ٣٧٠، رقم ٥٢١، وينظر: صحيح مسلم بشرح النووي ٥/ ١٧٨.
(٣) البحر المديد ٢/ ٣٤٩.
(٤) فتح الباري ١/ ٤٣٦.
(٥) ينظر: الديباج على صحيح مسلم ٥/ ٥٧.
(٦) أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب حفظ اللسان، ١٥/ ٢٠٥ رقم ٦٤٧٥.

<<  <   >  >>