للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا توجيهٌ نبويٌّ؛ لِأَنْ يترك الإنسان ما لا يعنيه، وأن يشتغل بنفسه وإصلاحها وتهذيبها، ولكن لا يعني هذا ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق ضوابط الشرع دون أن يترتب عليه مفسدة أكبر فهذا مما يعني الإنسان امتثالًا لقول الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (١).

٥ - أنُزل عليه القرآن (٢).

عدَّ ابن القيم خصائص كثيرة للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: "فمن ذلك أنه بُعث إلى الخلق عامَّة، وخُتم به ديوان الأنبياء، ونزل عليه القرآن الذي لم ينزل من السَّماء كتابٌ يشبهه، ولا يقاربه، وأنزل على قلبه محفوظًا متلوًّا، وضمن له حفظه إلى أن يأتي الله بأمره، وأُوتي جوامع الكلم، ونُصر بالرُّعب في قلوب أعدائه وبينهما مسيرة شهر، وجُعلت صفوف أُمَّته في الصلاة على مثال صفوف الملائكة في السَّماء، وجُعلت له ولأمته الأرض مسجدًا وطهورًا، وأُسري به إلى أن جاوز السَّماوات السَّبع ورأى ما لم يره بشرٌ قبله، ورُفع على سائر النَّبيين، وجُعل سيِّد ولد آدم، وانتشرت دعوته في مشارق الأرض ومغاربها، واتبعه على دينه أتباع أكثر من أتباع سائر النَّبيين من عهد نوحٍ إلى المسيح، فأُمَّته ثلثا أهل الجنَّة، وخصَّه بالوسيلة، وهي أعلى درجة في الجنَّة، وبالمقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون، وبالشَّفاعة العُظمى التي يتأخَّر عنها آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى، وأعزَّ الله به الحقَّ وأهله عزًّا لم يعزه بأحدٍ من قبله، وأذلَّ به الباطل وحزبه ذلًّا لم يحصل بأحدٍ قبله، وآتاه من العلم والشَّجاعة


(١) سورة آل عمران: ١٠٤.
(٢) ينظر: البحر المديد ٤/ ٧٥.

<<  <   >  >>