للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعله لوجوب التبليغ عليهم ... بخلاف غيرهم إذا فعلوا مباحًا لا يفعلونه إلا على أنه مباح، هذا هو الفرق بين العصمة والحفظ بالنظر للَّفظ لا للمعنى" (١).

وقوله بمساواة الوليِّ للنَّبي في الفضل والعصمة غير صحيح؛ لأنَّ نصوص القرآن، وأقوال العلماء دالَّةٌ على تفضيل الأنبياء على الأولياء، قال تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (٢).

قال ابن تيمية - رحمه الله -: "فالإيمان بما جاء به النَّبيون مما أمرنا أن نقوله ونؤمن به، وهذا مما اتفق عليه المسلمون: أنه يجب الإيمان بكلِّ نبي، ومن كفر بنبيٍّ واحدٍ فهو كافر، ومن سبَّه وجب قتله باتفاق العلماء، وليس كذلك من سوى الأنبياء، سواء سُمُّوا أولياء أو أئمَّة أو حكماء أو علماء أو غير ذلك، فمن جعل بعد الرسول معصومًا يجب الإيمان بكلِّ ما يقوله فقد أعطاه معنى النبوة، وإن لم يعطه لفظها" (٣).

ويقول أيضًا: ومما يبين الفرق بين النبيين وغيرهم أنَّ الله سبحانه أوجب الإيمان بما أوتيه كلُّ نبيٍّ من غير استثناء؛ لأنهم معصومون فيما يخبرون عن الله ورسالاته، بخلاف غير الأنبياء فإنهم ليسوا معصومين كما عصم الأنبياء ولو كانوا أولياء لله، ولهذا من سبَّ نبيًّا من الأنبياء قتل باتفاق الفقهاء، ومن سبَّ غيرهم لم يقتل، وهذه العصمة الثابتة للأنبياء هي التي يحصل بها مقصود النُّبوة والرسالة (٤).

وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ


(١) الجواهر والدرر، ص ١٢٧.
(٢) سورة البقرة: ١٣٦.
(٣) منهاج السُّنَّة النبوية ٦/ ١٩٠.
(٤) ينظر: الفتاوى الكبرى ٥/ ٢٤٩.

<<  <   >  >>