للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرسول فإنه يؤخذ من قوله ويُترك، إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه يجب تصديقه في كلِّ ما أخبر، وطاعته في كلِّ ما أمر، فإنه المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحيٌ يُوحى، وهو الذي يسأل الناس عنه يوم القيامة كما قال تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} (١).

وهو الذي يمتحن به النَّاس في قبورهم، فيقال لأحدهم: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ ويقال: ما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيثبِّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت، فيقول: هو عبد الله ورسوله، جاءنا بالبيِّنات والهدى فآمنَّا به واتبعناه، ولو ذكر بدل الرسول من ذكره من الصحابة والأئمة، والتابعين والعلماء لم ينفعه ذلك، ولا يمتحن في قبره بشخص غير الرسول" (٢).

وقال الشافعي - رحمه الله -: "إنَّ الله افترض طاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وحتَّم على الناس اتباع أمره، فلا يجوز أن يُقال لقولٍ: إنه فرض إلا لكتاب الله ثم لسُنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وذلك لما وصفنا من أنَّ الله تعالى جعل الإيمان برسوله مقرونًا بالإيمان به وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - مبنية عن الله معنى ما أراد دليلًا على خاصَّة وعامة، ثم قرن الحكمة بكتابه فأتبعها إياه، ولم يجعل هذا لأحدٍ من خلقه غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (٣).

وقال أبو جعفر الطحاوي: "ولا نُفضِّل أحدًا من الأولياء على أحدٍ من الأنبياء -عليهم السَّلام- ونقول: نبيٌّ واحدٌ أفضلُ من جميع الأولياء" (٤).

وقال القرطبي: "النَّبيُّ أفضل من الولي، وهذا أمرٌ مقطوعٌ به عقلًا ونقلًا،


(١) سورة الأعراف: ٦.
(٢) منهاج السُّنَّة ٦/ ١٩٠.
(٣) الأم ١/ ١٤.
(٤) العقيدة الطحاوية، ص ٨٣.

<<  <   >  >>