للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"وأحسن ما يُعتمد عليه في معرفة الولي اتباع الشريعة الغرَّاء، وسلوك المحجَّة البيضاء، فمن خرج عنها قيد شبر بَعُد عن الولاية بمراحل، فلا ينبغي أن يطلق عليه اسم الولي، ولو أتى بألف خارق، فالوليُّ الشرعيُّ اليوم أعزُّ من الكبريت الأحمر، ولا حول ولا قوة إلا بالله" (١).

٥ - ويعتقد ابن عجيبة أنَّ كشفَ الأولياء موروثٌ عن الأنبياء، يقول: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينذر النَّاس ويذكِّرهم بالوحي التنزيلي، وبقي خلفاؤه يذكِّرون بالوحي الإلهامي موافقًا للتنزيلي" (٢).

٦ - كما يعتقد أنَّ الوليَّ مشاركٌ للنَّبي في الوحي، يقول: "الوحيُ على أربعة أقسام: وحيُ إلهامٍ، ووحيُ منام، ووحيُ إعلام، ووحيُ أحكام، فشاركت الأولياء الأنبياء في ثلاثة: وحي إلهام، ووحي منام، ووحي إعلام وهو الفهم عن الله - عز وجل - وانفردت الأنبياء بوحي الأحكام" (٣).

وما ذكره ابن عجيبة من أنَّ الإنذار يكون بالوحي صحيحٌ دلَّ عليه القرآن، ولكن شتان بين الوحي والإلهام، فالوحيُ حجَّةٌ شرعيَّةٌ يستدل به ليس كالإلهام، قال الشيخ الشنقيطي - رحمه الله -، لقد حصر الله - عز وجل - طرق الإنذار بالوحي، بدليل قول الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ} (٤)، (وإنما) صيغة حصر، فإن قيل: قد يكون ذلك عن طريق الإلهام، فالجواب: أنَّ المقرَّر في


(١) روح المعاني ١١/ ١٤٩.
(٢) البحر المديد ٢/ ٤٦٨، ٤/ ١٦٣.
(٣) إيقاظ الهمم في شرح الحكم، ص ٣٥٦، وينظر: البحر المديد ٢/ ٤٦٨.
(٤) سورة الأنبياء: ٤٥.

<<  <   >  >>