للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأصول أنَّ الإلهام من الأولياء لا يجوز الاستدلال به على شيء، لعدم العصمة، وعدم الدليل على الاستدلال به، بل لوجود الدليل على عدم جواز الاستدلال به" (١).

واعتقد ابن عجيبة أنَّ الأولياء أدركوا خاصية النبوة في تلقي الوحي والإلهام (٢) مثل سائر الأنبياء، وقد ردَّ عليه هذا القول بعض الصوفية، وهذا مما يؤكِّد اضطرابهم، قال الدبَّاغ: "وقد غلط بعض الأولياء من أهل الفتح فظنَّ أنَّ الولي العارف الكبير قد يبلغ مقام النُّبوة في المعرفة، وإن كان في الدرجة لا يصله، وهذا الذي ظنوه غلطٌ مخالفٌ لما في نفس الأمر، والصواب أنَّ الولي -ولو بلغ في المعرفة ما بلغ- لا يصل إلى ما ذكروه، ولا يقرب منه أصلًا" (٣).

وقال ابن تيمية - رحمه الله -: "ولكن الوحيَ وحيان: وحيٌ من الرَّحمن ووحيٌ من الشيطان، قال تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} (٤)، وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} (٥)، وقال تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ} (٦)، وقد كان المختار بن أبى عبيد (٧) من هذا الضرب


(١) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ٣/ ٣٢٣.
(٢) الإلهام: ما يُلقى في القلب من معان وأفكار، وهي ترد على القلب بمحض الموهبة من غير تصنُّع ولا اجتلاب ولا اكتساب: كحزن أو بسط، أو قبض أو ذوق، أو هيبة ونحوها، أو يطلقون الإلهام على الخاطر الملكي، ومعنى ذلك حصولهم على العلوم عن طريق إخبار الله لهم بلا واسطة. ينظر: مقامات الصوفية، ص ٦٦، القاموس الصوفي، ص ٣٥، معراج التشوف، ص ٢٢ - ٣٣.
(٣) الإبريز، ص ٢٧٧.
(٤) سورة الأنعام: ١٢١.
(٥) سورة الأنعام: ١١٢.
(٦) سورة الشعراء: ٢٢١.
(٧) هو: المختار بن أبي عبيد بن مسعود بن عمرو الثقفي، ولد عام الهجرة، وليست له صحبة ولا رواية، كان خارجيًّا، ثم صار يدعي الانتصار للحسين ثم ادعى النبوة، قتل سنة ٦٧ هـ. ينظر: فوات الوفيات ٤/ ١٢٣.

<<  <   >  >>