للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى قيل لابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهما - قيل لأحدهما: إنه يقول إنه يوحى إليه فقال: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} وقيل للآخر: إنه يقول إنه ينزل عليه فقال: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ} (١)،

فهؤلاء يحتاجون إلى الفرقان الإيماني القرآني النبوي الشرعي أعظم من حاجة غيرهم، وهؤلاء لهم حسيَّات يرونها ويسمعونها، والحسيَّات يضطر إليها الإنسان بغير اختياره كما قد يرى الإنسان أشياء ويسمع أشياء بغير اختياره, كما أنَّ النُّظّار لهم قياس ومعقول وأهل السَّمع لهم أخبار منقولات وهذه الأنواع الثلاثة هي طرق العلم: الحس والخبر والنظر وكل إنسان يستدل من هذه الثلاثة في بعض الأمور؛ لكن يكون بعض الأنواع أغلب على بعض الناس في الدين وغير الدين" (٢).

والمتقرر في عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة أنَّ الوحي انقطع بموت النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - (٣).

قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (٤).

قال ابن تيمية - رحمه الله -: " ... هذه الآية تعمُّ من أوحى الله إليه من البشر فكلام الله الذي كلَّم به موسى من وراء حجاب والوحي ما يوحي الله إلى النَّبي من أنبيائه عليهم السلام؛ ليثبت الله - عز وجل - ما أراد من وحيه في قلب النَّبي ويكتبه وهو كلام الله ووحيه ومنه ما يكون بين الله وبين رسله ومنه ما يتكلَّم به الأنبياء ولا يكتبونه لأحد ولا يأمرون بكتابته ولكنهم يحدثون به الناس حديثًا ويبينونه لهم؛ لأنَّ الله


(١) سورة الشعراء: ٢٢١ ..
(٢) مجموع الفتاوى ١٣/ ٧٤.
(٣) ينظر: إرشاد الساري ١٠/ ١٢٨.
(٤) سورة الشورى: ٥١.

<<  <   >  >>