للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمرهم أن يبيِّنوه للنَّاس ويبلغوهم إياه، ومن الوحي ما يرسل الله به من يشاء ممَّن اصطفاه من ملائكته فيكلِّمون به أنبياءه من النَّاس، ومن الوحي ما يرسل الله به من يشاء من الملائكة فيوحيه وحيًا في قلب من يشاء من رسله ... قال تعالى: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} (١)، وقال تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} (٢)، بل قد قال تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} (٣).

وقال تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} فهذا الوحي يكون لغير الأنبياء ويكون يقظةً ومنامًا، وقد يكون بصوت هاتف أو يكون الصَّوت في نفس الإنسان ليس خارجًا عن نفسه يقظةً ومنامًا كما قد يكون النُّور الذي يراه أيضًا في نفسه، فهذه (الدرجة) من الوحي التي تكون في نفسه من غير أن يسمع صوت ملك في أدنى المراتب وآخرها وهي أولها باعتبار السالك وهي التي أدركتها عقول الإلهيين من فلاسفة (٤)

الإسلام الذين فيهم إسلام وصبوء فآمنوا ببعض صفات الأنبياء والرُّسل


(١) سورة المائدة: ١١١.
(٢) سورة القصص: ٧.
(٣) سورة النحل: ٦٨.
(٤) الفلسفة باليونانية: مَحبَّة الحكمة، (والفيلسوف): مكونة من كلمتين (فيلا وسوفا) فيلا: هو المحب، وسوفا: هي الحكمة، أي محب الحكمة، وهم ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: الدهريون: الذين جحدوا الصانع، وزعموا أنَّ العالم قديم موجود بنفسه، والقسم الثاني: الطبيعيون، وهم يعترفون بوجود خالق حكيم مطلع على غايات الأمور، لكنهم يزعمون أنَّ النفس تموت فلا تعود، وجحدوا الآخرة، وأنكروا الجنة والقيامة والحساب، والقسم الثالث: الإلهيون، وهم المتأخرون منهم، مثل سقراط، وهو أستاذ أفلاطون، وهو الذي رتَّب المنطق وهذَّب العلوم، وهؤلاء وقع منهم كفر وضلال. ينظر: الملل والنحل ٢/ ٣٦٩، والمنقذ من الضلال ص ١٦، ٢٧ ..

<<  <   >  >>