-وهو قدر مشترك بينهم وبين غيرهم- ولكن كفروا بالبعض، فتجد بعض هؤلاء يزعم أنَّ النُّبوة مكتسبة أو أنه قد استغنى عن الرَّسول أو أن غير الرَّسول قد يكون أفضل منه، وقد يزعمون أن كلام الله لموسى كان من هذا النمط وأنه إنما كلَّمه من سماء عقله وأنَّ الصوت الذي سمعه كان في نفسه أو أنه سمع المعنى فائضا من العقل الفعَّال أو أن أحدهم قد يصل إلى مقام موسى، ومنهم من يزعم أنه يرتفع فوق موسى ويقولون: إن موسى سمع الكلام بواسطة ما في نفسه من الأصوات ونحن نسمعه مجردًا عن ذلك، ومن هؤلاء من يزعم أنَّ جبريل الذي نزل على محمَّد - صلى الله عليه وسلم - هو الخيال النوراني الذي يتمثَّل في نفسه كما يتمثَّل في نفس النائم ويزعمون أنَّ القرآن أخذه محمَّدٌ عن هذا الخيال المسمى بجبريل عندهم؛ ولهذا قال ابن عربي صاحب (الفصوص) و (الفتوحات المكيَّة): إنه يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحي به إلى الرَّسول، وزعم أن مقام (النبوة) دون الولاية وفوق (الرسالة)، فإنَّ محمَّدًا -بزعمهم الكاذب- يأخذ عن هذا الخيال النفساني -الذي سمَّاه ملكًا- وهو يأخذ عن العقل المجرَّد الذي أخذ منه هذا الخيال.
ثم هؤلاء لا يثبتون لله كلامًا اتصف به في الحقيقة ولا يثبتون أنه قصد إفهام أحد بعينه؛ بل قد يقولون لا يُعلِم أحدًا بعينه؛ إذ علمه وقصده عندهم إذا أثبتوه لم يثبتوه إلا كُليًّا لا يعين أحدًا بناءً على أنه يعلم الكليات ولا يعلم الجزئيات إلا على وجه كلي.
وقد يقرب أو يقرب من مذهبهم من قال باسترسال علمه على أعيان الأعراض وهذا الكلام -مع أنه كفرٌ باتفاق المسلمين- فقد وقع في كثير منه من له فضلٌ في الكلام والتصوف ونحو ذلك، ولولا أني أكره التعيين في هذا الجواب لعيَّنت أكابر من