للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس هذا النور مكتسبًا من خاتم الأولياء كما يزعمه بعض الملاحدة، أمَّا جسمه - صلى الله عليه وسلم - فهو دمٌ ولحمٌ وعظم ... خُلِقِ من أبٍ وأُمٍّ ولم يسبق له خلقٌ قبل ولادته" (١).

"وليس بدنه نورًا، وليس هو نور الله الذي هو وصفه، وأما قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} (٢) فالمراد بالنُّور في ذلك ما بعثه الله به من الوحي، من عطف الخاصِّ على العام، ولم يثبت في القرآن ولا في السُّنَّة الصحيحة أنه نور عرش الله، فمن زعم ذلك فهو كاذب؛ لأن ذلك يتنافى مع كمال الله - عز وجل - " (٣).

وقال ابن تيمية - رحمه الله -: "وكذلك ما ذُكر من «أنَّ الله قبض من نور وجهه قبضة ونظر إليها فعرقت ودلقت، فخلق من كلِّ قطرةٍ نبيًّا، وأنَّ القبضة كانت هي النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وأنَّه بقي كوكبٌ دري» فهذا أيضًا كذبٌ باتفاق أهل المعرفة بحديثه" (٤).

وقال أيضًا: "والنَّبي - صلى الله عليه وسلم - خُلق مما يُخلق منه البشر، ولم يُخلق أحدٌ من البشر من نور، بل قد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إنَّ الله - عز وجل - خلق الملائكة من نور؛ وخلق إبليس من مارج من نار؛ وخلق آدم مما وصف لكم» (٥)، وليس تفضيل بعض المخلوقات على بعض باعتبار ما خُلقت منه فقط، بل قد يخلق المؤمن من كافر؛ والكافر من مؤمن، كابن نوح منه وكإبراهيم من آزر، وآدم خلقه الله من طين: فلمَّا


(١) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ١/ ١٢٥.
(٢) سورة المائدة: ١٥.
(٣) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ١/ ٤٦٣، و ٤٦٧.
(٤) مجموع الفتاوى ١٨/ ٣٦٦.
(٥) أخرجه مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب في أحاديث متفرقة، ٤/ ٢٢٩٤، رقم ٢٩٩٦.

<<  <   >  >>