للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لي؟ قال: وكيف عرفتَ محمَّدًا؟ قال: لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت فيَّ من روحك رفعتُ رأسي فرأيتُ على قوائم العرش مكتوبًا (لا إله إلا الله محمد رسول الله) فعلمتُ أنَّك لم تضف إلى اسمك إلا أحبَّ الخلق إليك، قال: صدقتَ يا آدم ولولا محمَّدٌ ما خلقتُك» (١).

وهذا باطلٌ، فالمقرَّر في نصوص الشريعة أنَّ الله - عز وجل - لم يخلق آدمَ ولا غيره من أجل أحد، بل خلق الكلَّ لعبادته، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (٢).

قال الشيخ السعدي - رحمه الله -: "هذه الغاية، التي خلق الله الجنَّ والإنس لها، وبعث جميع الرُّسل يدعون إليها، وهي عبادته، المتضمِّنة لمعرفته ومحبَّته، والإنابة إليه، والإقبال عليه، والإعراض عمَّا سواه، وذلك يتضمَّن معرفة الله تعالى، فإنَّ تمام العبادة متوقِّفٌ على المعرفة بالله، بل كُلَّما ازداد العبدُ معرفةً لربه كانت عبادته أكمل، فهذا الذي خَلَق اللهُ المكلفين لأجله، فما خلقهم لحاجةٍ منه إليهم" (٣).

أمَّا الحديث الذي ذكره الحاكم فقال عنه ابنُ تيمية - رحمه الله -: " ... وأمَّا تصحيح الحاكم لهذا الحديث وأمثاله فهذا مما أنكره عليه أئمَّة العلم بالحديث، وقالوا: إنَّ الحاكم يُصحِّح أحاديث وهي موضوعة مكذوبة عند أهل المعرفة بالحديث ... ؛ ولهذا كان أهل العلم بالحديث لا يعتمدون على مجرَّد تصحيح الحاكم، وإن كان غالب ما يصححه فهو صحيح، لكن هو في المصححين بمنزلة الثقة الذي يكثر


(١) أخرجه الحاكم في مستدركه على الصحيحين ٢/ ٦١٥، والطبراني في معجمه الصغير ٢/ ٨٢، والبيهقي في دلائل النبوة ٥/ ٤٨٩، وضعَّفه الألباني في السلسلة الضعيفة ١/ ٤٥٠.
(٢) سورة الذاريات: ٥٦.
(٣) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ١/ ٣١٨.

<<  <   >  >>