للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غلطه، وإنَّ الصواب أغلب عليه وليس فيمن يصحح الحديث أضعف من تصحيحه ... ومثل هذا لا يجوز أن تُبنى عليه الشريعة، ولا يُحتج به في الدين باتفاق المسلمين؛ فإنَّ هذا من جنس الإسرائيليات ونحوها، التي لا تُعلم صحَّتُها إلا بنقلٍ ثابتٍ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... ولا ينقل ذلك ولا ما يشبهه أحدٌ من ثقات علماء المسلمين الذي يعتمد على نقلهم" (١).

وأمَّا حديث: "لولاك لما خلقت الأفلاك" فقال عنه: الشيخ الألباني: "إنه حديثٌ موضوع"، وتعقَّب قول القاري (٢) فقال: "وأمَّا قول الشيخ القاري: لكن معناه صحيح، فقد روى الديلمي (٣) عن ابن عباس مرفوعًا: «أتاني جبريل فقال: يا محمَّد لولاك لما خُلقت الجنة، ولولاك ما خُلقت النار» وفي رواية ابن عساكر (٤): «لولاك ما خلقت الدنيا» فأقول: الجزمُ بصحَّة معناه لا يَليقُ إلا بعد ثبوت ما نقله عن الديلمي، وهذا مما لم أرَ أحدًا تعرَّض لبيانه، وأنا وإن كنتُ لم أقف على سنده،


(١) التوسل والوسيلة، ص ٨٥، ٨٧، وينظر: لسان الميزان ٣/ ٣٥٩ - ٣٦٠.
(٢) هو: أحمد بن عبد الله القاري، ابن محمد بشير خان، قاض حجازي، من أصل هندي، ولد سنة ١٣٠٩ هـ وتعلم في المدرسة الصولتية بمكة، وعلَّم بها، وعين قاضيًا لمدينة جدة سنة ١٣٤٠ هـ وجعل من أعضاء مجلس الشورى سنة ١٣٤٩ هـ فرئيسًا للمحكمة الشرعية الكبرى، فأحد أعضاء رئاسة القضاء سنة ١٣٥٧ إلى أن توفي سنة ١٣٥٩ هـ، له: (مجلة الأحكام الشرعية -خ) على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، في نحو ألف مادة، عاجله الأجل قبل طبعها. ينظر: الأعلام ١/ ١٦٣.
(٣) هو: شيرويه بن شهر دار بن شيرويه بن فناخسرو بفاء ونون وخاء معجمة وسين وراء مهملتين بعدهما واو، أبو شجاع الديلمي الهمذاني، ذكره ابن الصلاح فقال: كان محدثًا واسع الرحلة حسن الخَلق والخُلق، ذكيًّا صلبًا في السُّنَّة قليل الكلام، صنَّف تصانيف اشتهرت عنه منها: كتاب الفردوس، وكتاب في حكايات المنامات، وكتاب تاريخ همدان، ولد سنة ٤٤٥ هـ، وتوفي في رجب سنة ٥٠٩ هـ .. ينظر: طبقات الشافعية ١/ ٢٨٥.
(٤) هو: أبو القاسم، علي بن الحسين بن هبة الله المعروف بابن عساكر، له مصنَّفات عدة منها: تاريخ ابن عساكر، الإشراف على معرفة الأطراف، كشف المغطى في فضل الموطأ، وكانت وفاته سنة ٥٧١ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٥٧٠.

<<  <   >  >>