للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخالي من المصلحة المتعذِّر علمه، فإنه لا يعلمها نبيُّ مرسل، ولا مَلَكٌ مقرَّب، وهي من الأمور التي أخفاها الله عن الخلق، لكمال حكمته وسعة علمه (١).

وقال ابن عجيبة في تفسيره للآية السابقة: "يقول الحقُّ جلَّ جلاله: يسألونك أي: قريش، عن السَّاعة أي: قيام النَّاس من قبورهم للحساب، أيَّان مرساها أي: متى إرساؤها؟، أي: ثبوتها ووقوعها، قل: إنما علمها عند ربي استأثر بعلمها، لم يُطْلِع عليها ملكًا مقرَّبًا، ولا نبيًّا مرسلًا، لا يجلِّيها لوقتها أي: لا يظهرها عند وقت وقوعها، إلا هو، والمعنى إنَّ إخفاءها يستمرُّ إلى وقت وقوعها، ثقلت في السَّماوات والأرض: عظمت على أهلها من الملائكة والثقلين لهولها، وكأنَّه إشارة إلى الحكمة في إخفائها، أو ثقلت على السموات والأرض أنفسهما لتبدلهما وتغير حالهما، لا تأتيكم إلا بغتة فجأة على غفلة" (٢).

وقال تعالى: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} (٣).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال: «خمس من الغيب لا يعلمهنَّ إلا الله»، ثم قرأ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (٤)، (٥).


(١) ينظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ١/ ٣١٠.
(٢) البحر المديد ٢/ ٢٨٩، و ٧/ ٢٣٤.
(٣) سورة الأحزاب: ٦٣.
(٤) سورة لقمان: ٣٤.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ}، ١/ ١٩، رقم ٥٠.

<<  <   >  >>