للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الملَّة واحدة، وهي ملَّة الإسلام، وتقع الأمنة حتى يرتع الأسود مع الإبل، والنُّمور مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيَّات، ويلبث في الأرض أربعين سنة، ثم يتوفى ويصلِّى عليه المسلمون ويدفنونه، وقيل الضمير في (به) إلى عيسى، وفي (موته) إلى الكتابي، أي: وإن من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمننَّ بعيسى بأنه عبد الله ورسوله، قبل موته أي: قبل خروج نفس ذلك الكتابي إذا عاين الملك، فلا ينفعه حينئذ إيمانه؛ لأنَّ كل من نزل به الموت لم تخرج نفسه حتى يتبين له الحق من الباطل، ويؤيد هذا قراءة من قرأ: {ليؤمنُنَّ به قبل موتهم} بضم النُّون؛ لأنَّ (أحدًا) في معنى الجمع، وهذا كالوعيد لهم والتحريض على معاجلة الإيمان به من قبل أن يضطر إليه ولم ينفعه إيمانه، ويوم القيامة يكون عليهم شهيدًا يشهد على اليهود بالتكذيب، وعلى النصارى بأنهم دعوه ابن الله، والله تعالى أعلم" (١).

وقال في موضع آخر: "ثم يقبض عيسى، ويدفن في روضته - صلى الله عليه وسلم - " (٢).

ثم قال: "ثم تخرب الكعبة، ثم ينفخ في الصُّور للصعق، واقترب الوعد الحق" (٣).

وما ذكره ابن عجيبة من نزول عيسى - عليه السلام - حقٌّ وثابتٌ في الكتاب والسُّنَّة، فقد "تواترت الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في نزول عيسى بن مريم من السَّماء إلى الأرض عند قُرب الساعة، وهذا هو مذهب أهل السُّنَّة" (٤).

قال تعالى: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} إلى قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} (٥)، قال ابن جرير - رحمه الله -: "وإنَّ عيسى ظهوره عِلْمٌ يُعلم به مجيء


(١) البحر المديد ١/ ٥٨٨.
(٢) المرجع نفسه ٣/ ٤٩٩ و ١/ ٣٦٢.
(٣) نفسه ٣/ ٤٩٩.
(٤) عون المعبود شرح سنن أبي داود ١١/ ٤٥٧.
(٥) سورة الزخرف: ٥٧، ٦٠.

<<  <   >  >>