للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يقوم الناس لرب العالمين مقدار نصف يوم من خمسين ألف سنة يهون ذلك على المؤمنين كتدلِّي الشَّمس للغروب إلى أن تغرب» (١).

وأحوالهم متفاوتة على قدر أعمالهم فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (٢)، «حتى يغيب أحدهم في رشحه (٣) إلى أنصاف أذنيه» (٤).

أمَّا الكافر فيحشر على وجهه، قال تعالى: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا} (٥).

وذكر ابن عجيبة حديث أنس - رضي الله عنه - أنَّ رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: كيف يحشر الكافر على وجهه؟ فقال: «أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرًا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة» (٦) (٧).

ويحشرون على وجوههم عميًا وبكمًا، وصمًّا، قال تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} (٨).

ويرى ابن عجيبة أنهم حال كونهم عميًا وبكمًا وصمًّا لا يبصرون ما يقر


(١) أخرجه ابن حبان في صحيحه، باب إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن البعث، ١٦/ ٣٢٨، قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط البخاري.
(٢) سورة المطففين: ٦.
(٣) الرشح: هو: العرق؛ لأنَّه يخرج من البدن شيئًا فشيئًا كما يرشح الإناء المتخلخل الأجزاء. ينظر النهاية في غريب الحديث ٢/ ٢٢٤
(٤) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}، ٣/ ٣٢١ - ٣٢٢، رقم ٤٩٣٨.
(٥) سورة الفرقان: ٣٤.
(٦) أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ} , ٣/ ٢٧١، رقم ٤٧٦٠.
(٧) البحر المديد ٣/ ٢٥٣.
(٨) سورة الإسراء: ٩٧.

<<  <   >  >>