للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعينهم، ولا ينطقون بما يقبل منهم، ولا يسمعون ما يلذ مسامعهم، لما كانوا في الدنيا لا يستبصرون بالآيات والعبر، ولا ينطقون بالحق ولا يستمعونه، ويجوز أن يحشروا بعد الحساب من الموقف إلى النار، مَؤُوفي (١)

القوى والحواس, وأن يحشروا كذلك، ثم تعاد إليهم قواهم وحواسهم، فإن إدراكاتهم بهذه المشاعر في بعض المواطن مما لا ريب فيه (٢).

وهذه الآية الكريمة يدلُّ ظاهرها على أنَّ الكفَّار يبعثون يوم القيامة عميًا وبكمًا وصمًّا.

وقد جاءت آياتٌ أُخر تدلُّ على خلاف ذلك، كقوله تعالى: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا} (٣)، وكقوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} (٤).

والجواب عن هذا من ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: أنَّ هذا يكون في مبدأ الأمر ثم يَرُدُّ الله تعالى إليهم أبصارهم ونطقهم وسمعهم فيرون النار ويسمعون زفيرها وينطقون بما حكى الله تعالى عنهم في غير موضع.


(١) البحر المديد ٣/ ٢٣٥.

(٣) مَؤُوفي: صيغة جمع مضافة، من الآفة، وهى العاهة, وأيف الزرع: أصابته آفة، فهو مؤوف على وزن: معوف. انظر: الصحاح (أوف) ٤/ ١٣٣٣.
(٢) البحر المديد ٣/ ٢٣٥.
(٣) سورة الكهف: ٥٣.
(٤) سورة السجدة: ١٢.

<<  <   >  >>