للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الله ما لا يعلم، قال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (١)، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (٢)، وليس في الكتاب والسُّنَّة أنَّ المسلمين نهوا أن يتكلَّموا في الروح بما دلَّ عليه الكتاب والسُّنَّة لا في ذاتها ولا في صفاتها, وأمَّا الكلام بغير علم فذلك محرَّمٌ في كلِّ شيء" (٣).

قال ابن تيمية - رحمه الله -: "ومذهب الصَّحابة - رضي الله عنهم - والتابعين لهم بإحسان وسائر سلف الأُمَّة وأئمة السُّنَّة أنَّ الروح عينٌ قائمةٌ بنفسها تفارق البدن وتُنعَّم وتُعذَّب ليست هي البدن، ولا جزءًا من أجزائه كالنَّفس المذكور، ولما كان الإمام أحمد - رحمه الله - ممَّن نصَّ على ذلك كما نص عليه غيره من الأئمة لم يختلف أصحابه في ذلك ... " (٤).

وقال في موضعٍ آخر: "والصَّواب أنها ليست مركَّبة من الجواهر المفردة، ولا من المادة والصورة، وليست من جنس الأجسام المتحيِّزات المشهودة المعهودة، وأمَّا الإشارة إليها فإنه يُشار إليها، وتصعد، وتنزل، وتخرج من البدن، وتُسَلُّ منه، كما جاءت بذلك النصوص ودَلَّت عليه الشواهد العقلية، وأمَّا قول القائل أين مسكنها من الجسد؟ فلا اختصاص للروح بشيءٍ من الجسد بل هي سارية في الجسد كما تسري الحياة التي هي عرض في جميع الجسد، فإنَّ الحياة مشروطة بالروح فإذا كانت الروح في الجسد كان فيه حياة وإذا فارقته الروح فارقته الحياة" (٥).


(١) سورة الإسراء: ٣٦.
(٢) سورة الأعراف: ٣٣.
(٣) من كلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ٤/ ٢٣٠.
(٤) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٤١.
(٥) المرجع نفسه ٩/ ٣٠٢.

<<  <   >  >>