للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن الوزير - رحمه الله - (١): فيه إشارة من البخاري إلى مذهب أهل السُّنَّة في إثبات الحكمة (٢).

وذلك أن البخاري - رحمه الله - بوَّب على هذا الحديث، باب قول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} (٣) (٤).

وقال الرَّاغب الأصفهاني: "والحقُّ يقال على أوجه:

الأول: يقال لموجد الشَّيء بسبب ما تقتضيه الحكمة، ولهذا قيل في الله تعالى: هو الحق، قال الله تعالى: {وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} (٥)، وقيل بعيد ذلك: {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} (٦).

والثاني: يقال للموجد بحسب مقتضى الحكمة، ولهذا يقال: فعل الله تعالى كله حق، نحو قولنا: الموت حق، والبعث حق، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} (٧)، إلى قوله تعالى: {مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ} (٨)، وقال في القيامة:


(١) هو: أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم بن عليّ المرتضى بن الفضل الحسني القاسمي، المعروف بابن الوزير اليمني الصنعاني، ولد بهجرة الظهراوي من شظب، وهو جبل عال باليمن، في رجب عام ٧٧٥ هـ، وله مصنفات منها: العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم، توفي سنة ٨٤٠ هـ. ينظر: فهرس الفهارس ٢/ ١١٢٤، البدر الطالع ٢/ ٨١، معجم المؤلفين ٨/ ٢١٠.
(٢) إيثار الحق، ص ١٩٢.
(٣) سورة الأنعام: ٧٣.
(٤) صحيح البخاري ٩/ ١١٧.
(٥) سورة يونس: ٣١.
(٦) سورة يونس: ٣٢.
(٧) سورة يونس: ٤.
(٨) سورة يونس: ٥.

<<  <   >  >>