للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"العارفون بالله - عز وجل - لا يسمعون القرآن إلا من لدن حكيم عليم، بلا واسطة، الواسطة محذوفة في نظرهم، فهم يسمعون من الله - عز وجل - إلى الله - عز وجل - " (١).

وقال أيضًا: "العارف لم تبق له واسطة بينه وبين الله - عز وجل - ولا بينه وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل يأخذ الأشياء من معدنها، فالحقيقة يأخذها من معادنها وهي شهود الذات الأقدس بلا واسطة حس الأكوان، بل تمتحي الأكوان وتمحق في نظره، فلا يرى إلا المكون، ويأخذ الشريعة من معادنها وهي الكتاب والسُّنَّة إن كان أهلًا وإلا استفتى قلبه، ولذلك قيل الصوفي لا مذهب له، أي لا يقلد أحدًا من أهل المذهب" (٢).

وقوله هذا واعتقاده من أخطر ما يكون على عقيدة العبد وعبادته إذ إسقاط الواسطة بين الله وبين خلقة مصادم لنصوص الشرع، ولما اتفقت عليه أهل الملل.

قال ابن تيمية - رحمه الله -: "مما أجمع عليه أهل الملل من المسلمين، واليهود والنصارى: أنهم يثبتون الوسائط بين الله وبين عباده، وهم الرُّسل الذين بلَّغوا عن الله أمره وخبره، قال تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (٣) ومن أنكر هذه الوسائط فهو كافرٌ بإجماع أهل الملل" (٤).

وأما ما ذكره ابن عجيبة من تلقي القرآن وسماعه بلا واسطة فهذه أيضًا من تخرصات الصوفية.


(١) البحر المديد ٤/ ١٧٥.
(٢) شرح صلاة ابن عربي، ضمن سلسلات نورانية فريدة، جمع العمراني الخالدي، ص ٤٧.
(٣) سورة الحج: ٧٥.
(٤) ينظر: الواسطة بين الحق والخلق، ضمن مجموع الفتاوى، ص ١٠.

<<  <   >  >>