للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن تيمية: "فكلُّ من كان من أهل الإلهام والخطاب والمكاشفة لم يكن أفضل من عمر - رضي الله عنه -، فعليه أن يسلك سبيله في الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة تبعًا لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يجعل ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - تبعًا لما ورد عليه، وهؤلاء الذين أخطأوا وضلُّوا وتركوا ذلك، واستغنوا بما ورد عليهم، وظنُّوا أنَّ ذلك يغنيهم عن اتباع العلم المنقول، وصار أحدهم يقول: أخذوا علمهم ميتًا عن ميت، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت فيقال له: أما ما نقله الثقات عن المعصوم، فهو حق ولولا النقل المعصوم لكنت أنت وأمثالك إما من المشركين، وإما من اليهود والنصارى، وأما ما ورد عليك فمن أين لك أنه وحي من الله؟ ومن أين لك أنه ليس من وحي الشيطان؟ " (١).

ويقول أيضًا - رحمه الله -: "فليس في المحَدَّثين الملهمين أفضل من عمر - رضي الله عنه - " (٢).

وقال ابن الجوزي (٣): "ومن قال حدَّثني قلبي عن ربي فقد صرَّح أنه غني عن الرسول، ومن صرَّح بذلك فقد كفر، فهذه كلمة مدسوسة في الشريعة تحتها هذه الزندقة، ومن رأيناه يزري على النقل علمنا أنه قد عطَّل أمر الشرع، وما يؤمن هذا القائل حدثني قلبي عن ربي أن يكون ذلك من إلقاء الشياطين فقد قال الله - عز وجل -: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} (٤)، وهذا هو الظاهر؛ لأنه ترك الدليل المعصوم وعوَّل على ما يلقي في قلبه الذي لم يثبت حراسته


(١) الواسطة بين الحق والخلق، ضمن مجموع الفتاوى ١٣/ ٧٤.
(٢) مجموع الفتاوى ١٣/ ٧٣.
(٣) هو أبو الفرج، عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي البغدادي، توفي سنة ٥٩٧ هـ، ومن مصنفاته: تلبيس إبليس، زاد المسير، ينظر: البداية والنهاية ١٣/ ٢٨، تاريخ الإسلام ١٢/ ١١٠٠، ١١١٤، الأعلام ٣/ ٣١٦ - ٣١٧.
(٤) سورة الأنعام: ١٢١.

<<  <   >  >>