للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالقدرة القدرة المقارنة للفعل المستلزمة له فتلك علَّةٌ للفعل وسببٌ تامّ، ومعلوم أنه ليس في المخلوقات شيءٌ هو وحده علَّةٌ تامَّةٌ وسببٌ تامٌّ للحوادث بمعنى أنَّ وجوده مستلزمٌ لوجود الحوادث بل ليس هذا إلا مشيئة الله تعالى خاصَّة فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن" (١).

ويقول ابن القيم - رحمه الله -: "وليس في الوجود شيءٌ مستقلٌّ بالتأثير سوى مشيئة الرَّبِّ سبحانه وقدرته، وكل ما سواه مخلوق له وهو أثر قدرته ومشيئته، ومن أنكر ذلك لزمه إثبات خالق سوى الله، أو القول بوجود مخلوق لا خالق له، فإنَّ فعل العبد إن لم يكن مخلوقًا لله كان مخلوقًا للعبد إمَّا استقلالًا وإمَّا على سبيل الشركة، وإمَّا أن يقع بغير خالق، ولا مخلص عن هذه الأقسام لمنكر دخول الأفعال تحت قدرة الرَّب ومشيئته وخلقه، وإذا عرف هذا فنقول: الفعل وقع بقدرة الرَّب خلقًا وتكوينًا كما وقعت سائر المخلوقات بقدرته وتكوينه، وبقدرة العبد سببًا ومباشرة، والله خلق الفعل والعبد فعله وباشره والقدرة الحادثة وأثرها واقعان بقدرة الرَّب ومشيئته" (٢).

وقال أيضًا: "وعلى صحَّة هذا المذهب أكثر من ألف دليلٍ من القرآن والسُّنَّة والمعقول والفِطر" (٣).


(١) مجموع الفتاوى ٨/ ١٣٣.
(٢) شفاء العليل ١/ ١٤٦.
(٣) بدائع الفوائد ١/ ٢٦١.

<<  <   >  >>