للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: (إنَّ الإيمان هو التصديق بالقلب) هو قول أكثر الأشاعرة (١)، الذين وافقوا الجهمية في مسألة الإيمان وحقيقة العمل فيه، قال ابن تيمية - رحمه الله -: "وأمَّا الأشعريُّ: فالمعروف عنه وعن أصحابه أنَّهم يُوافقون جهمًا في قوله في الإيمان، وأنَّه مجرَّد تصديق القلب، أو معرفة القلب ... " (٢).

وقال في موضعٍ آخر: "وأمَّا جهمٌ فكان يقول: إنَّ الإيمان مجرَّد تصديق القلب، وإن لم يتكلَّم به" (٣).

وأمَّا إطلاق لفظ التصديق في اللُّغة على مسمَّى الإيمان فمردودٌ من عدة أمور:

١ - "ينبغي أن يُعلم أنَّ الألفاظ الموجودة في القرآن والحديث إذا عُرف تفسيرها وما أُريد بها من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحتج في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللُّغة ولا غيرهم؛ ولهذا قال الفقهاء: الأسماء ثلاثة أنواع: نوعٌ يُعرف حَدُّه بالشَّرع، كالصَّلاة والزكاة، ونوعٌ يُعرف حَدُّه باللُّغة، كالشَّمس، والقمر، ونوعٌ يُعرف حَدُّه بالعُرف، كلفظ القبض، ولفظ المعروف في قوله: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (٤) ... فاسم الصَّلاة والزكاة والصيام والحج ونحو ذلك (٥) قد بيَّن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما يُراد بها في كلام اللَّه ورسوله، وكذلك لفظ الخمر وغيرها، ومن هناك يُعرف معناها، فلو أراد أحَدٌ أن يفسِّرها بغير ما بيَّنه النَّبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُقبل منه، وأمَّا الكلام في اشتقاقها ووجه


(١) ينظر: الإنصاف للباقلاني, ص ٢٢، اللمع, ص ٧٨، المواقف, ص ٣٨٤، تحفة المريد, ص ٨٤. الإرشاد، ص ٣٣٣ - ٣٣٤.
(٢) النبوات ١/ ٥٨٠.
(٣) مجموع الفتاوى ١٣/ ٤٧.
(٤) سورة النساء: ١٩.
(٥) "كاسم البيع والنكاح والقبض والدرهم والدينار، ونحو ذلك من الأسماء التي لم يحدها الشارع بحد، ولا لها حد واحد يشترك فيه جميع أهل اللغة بل يختلف قدره وصفته باختلاف عادات الناس" مجموع الفتاوى ١٩/ ٢٣٥.

<<  <   >  >>