للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دلالتها، فذاك من جنس علم البيان، وتعليل الأحكام، هو زيادة في العلم، وبيان حكمة ألفاظ القرآن، لكن معرفة المراد بها لا يتوقّف على هذا.

واسم الإيمان والإسلام والنفاق والكفر، هي أعظم من هذا كله، فالنَّبي - صلى الله عليه وسلم - قد بيَّن المراد بهذه الألفاظ بيانًا لا يحتاج معه إلى الاستدلال على ذلك بالاشتقاق؛ فلهذا يجب الرجوع في مُسمَّيات هذه الأسماء إلى بيان اللَّه ورسوله، فإنه شافٍ كافٍ، بل معاني هذه الأسماء معلومة من حيث الجملة للخاصَّة والعامَّة، بل كلُّ من تأمَّل ما تقوله الخوارج والمرجئة في معنى الإيمان علم بالاضطرار أنه مخالف للرُّسول ويعلم بالاضطرار أنَّ طاعة اللَّه ورسوله من تمام الإيمان" (١).

٢ - "أنَّ لفظ الإيمان في اللُّغة لم يقابل بالتكذيب كلفظ التصديق، فإنه من المعلوم في اللُّغة أنَّ كلَّ مخبر يُقال له: صدقت أو كذبت، ويقال: صدَّقناه أو كذَّبناه، ولا يُقال لكلِّ مخبر: آمنَّا له أو كذَّبناه، ولا يقال: أنت مؤمن له أو مكذِّب له، بل المعروف في مقابلة الإيمان لفظ الكفر، يقال: هو مؤمن أو كافر، والكفر لا يختصُّ بالتكذيب، بل لو قال: أنا أعلم أنك صادق لكن لا أتبعك، بل أعاديك وأبغضك وأخالفك ولا أوافقك، لكان كفره أعظم، فلما كان الكفر المقابل للإيمان ليس هو التكذيب فقط، علم أن الإيمان ليس هو التصديق فقط" (٢).

٣ - "وإن كان هو التصديق، فالتصديق التام القائم مستلزمٌ لما وجب من أعمال القلب والجوارح، فإنَّ هذه لوازم الإيمان التام، وانتفاء اللازم دليلٌ على انتفاء الملزوم، ونقول: إنَّ هذه اللوازم تدخل في مسمَّى اللَّفظ تارة، وتخرج عنه أخرى" (٣).


(١) كتاب الإيمان، ص ٢٤٠.
(٢) المرجع نفسه، ص ٢٢٩.
(٣) نفسه، ص ١١٧.

<<  <   >  >>