للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - أنَّ الأفعال تُسمَّى تصديقًا كما ورد في الحديث الثابت عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إنَّ الله - عز وجل - كتب على ابن آدم حظَّه من الزِّنا أدرك ذلك لا محالة, فزنا العين النَّظر، وزنا اللِّسان المنطق, والنَّفس تمنَّى وتشتهي, والفرج يصدِّق ذلك أو يكذّبه» (١).

٥ - يلزم من فساد هذا القول أنَّ من صدَّق بقلبه فهو مؤمن، ولو لم يركع أو يسجد لله - عز وجل - سجدةً واحدة (٢).

٦ - أنَّ هذا القول مخالف للأدلة الشرعية التي تثبت أنَّ العملَ داخلٌ في الإيمان، ومنها:

أولًا: من القرآن

قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (٣)، قال ابن تيمية - رحمه الله -: "فيقال: من أحوال القلب وأعماله ما يكون من لوازم الإيمان الثابتة فيه، بحيث إذا كان الإنسان مؤمنًا، لزم ذلك بغير قصد منه ولا تَعمُّد له، وإذا لم يوجد دلَّ على أنَّ الإيمان الواجب لم يحصل في القلب، وهذا كقوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} (٤)، فأخبر أنك لا تجد مؤمنًا يواد المحادين لله ورسوله، فإنَّ نفس الإيمان ينافي موادته، كما ينفي أحد الضدَّين الآخر، فإذا وجد


(١) أخرجه البخاري، كتاب الاستئذان، باب زنا الجوارح دون الفرج، ٤/ ١٣٩، رقم ٦٢٤٣.
(٢) شرح العقيدة الطحاوية ٢/ ٤١٦.
(٣) سورة الأنفال: ٢.
(٤) سورة المجادلة: ٢٢.

<<  <   >  >>