للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متلازمان، فلا إسلام إلا بعد إيمان، ولا إيمان إلا بعد النطق بالشهادة إلا لعذر، وأمَّا في اللغة فمختلف، والإسلام محلُّه الظاهر، والإيمان محلُّه الباطن" (١).

واستدلال ابن عجيبة بهذه الآية هو نفس قول النَّسفي إذ يقول: "وفيه دليلٌ على أنَّ الإيمان والإسلام واحد" (٢).

وهذا القول مخالف ومردود بتفسير الله - عز وجل - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - للإيمان "فإنَّ الله ورسوله قد فسَّرا الإيمان بأنه الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وبيَّنَا أيضًا أنَّ العمل بما أمر به يدخل في الإيمان، ولم يسم الله - عز وجل - الإيمان بملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت إسلامًا، بل إنَّما سمّى الإسلام الاستسلام له بقلبه وقصده وإخلاص الدين والعمل بما أمر به؛ كالصَّلاة والزكاة خالصًا لوجهه، فهذا هو الذي سمَّاه الله إسلامًا وجعله دينًا، وقال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (٣) ... وهذا يقتضي أنَّ كلَّ من دان بغير دين الإسلام فعمله مردود، وهو خاسر في الآخرة، فيقتضي وجوب دين الإسلام وبطلان ما سواه، لا يقتضي أنَّ مُسمَّي الدين هو مُسمَّى الإيمان، بل أمرنا أن نقول: {آمَنَّا بِاللَّهِ} (٤)، وأمرنا أن نقول: {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (٥) فأمرنا باثنين فكيف نجعلهما واحدًا؟ " (٦).


(١) البحر المديد ٥/ ٤٧٥.
(٢) مدارك التنزيل ٣/ ٤١٩.
(٣) سورة آل عمران: ٨٥.
(٤) سورة البقرة: ١٣٦.
(٥) سورة البقرة: ١٣٦.
(٦) الإيمان، ص ٣٢٠ - ٣٢١.

<<  <   >  >>