للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبيّن شيخ الإسلام لفظ الإسلام والإيمان حال الاقتران والتفرد فقال: "إذا تبيَّن هذا وعُلم أنَّ الإيمان الذي في القلب من التصديق والحب وغير ذلك يستلزم الأمور الظاهرة من الأقوال الظاهرة والأعمال الظاهرة، كما أنَّ القصد التام مع القدرة يستلزم وجود المراد وأنه يمتنع مقام الإيمان الواجب في القلب من غير ظهور موجب ذلك ومقتضاه زالت الشبه العلمية في هذه المسألة - وهي دعوى إمكانية حصول الإيمان في القلب دون حصول أثره في الظاهر- (١) ولم يبق إلا (نزاع لفظي) في أنَّ موجب الإيمان الباطن هل هو جزء منه داخل في مُسمَّاه فيكون لفظ الإيمان دالًّا عليه بالتضمُّن والعموم؟ أو هو لازم للإيمان ومعلول له وثمرة له فتكون دلالة الإيمان عليه بطريق اللزوم؟ وحقيقة الأمر أنَّ اسم الإيمان يستعمل تارة هكذا وتارة هكذا كما قد تقدم، فإذا قرن اسم الإيمان بالإسلام أو العمل كان دالًّا على الباطن فقط، وإن أفرد اسم الإيمان فقد يتناول الباطن والظاهر وبهذا تأتلف النصوص.

فقوله: - صلى الله عليه وسلم -: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان»، أفرد لفظ الإيمان فدخل فيه الباطن والظاهر، وقوله: - صلى الله عليه وسلم - في حديث جبريل: «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر»، ذكره مع قوله: - صلى الله عليه وسلم - «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمَّدًا رسول لله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت» فلما أفرده عن اسم الإسلام ذكر ما يخصه الاسم في ذاك الحديث مجرَّدًا عن الاقتران، وفي هذا الحديث مقرون باسم الإسلام ... ومن علم أن دلالة اللفظ تختلف بالإفراد والاقتران كما في اسم الفقير والمسكين والمعروف والمنكر والبغي وغير


(١) ينظر: آراء المرجئة في مصنفات شيخ الإسلام ابن تيمية، أ. د عبد الله السند، ص ٢٧٢.

<<  <   >  >>